الضريبة الاتحادية.. مرونة الإمارات الاقتصادية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يتغيّر العالم بسرعة كبيرة ومرونة أكبر على كافة المستويات وتتغيّر معه الاستراتيجيات الاقتصادية للدول وطريقة إدارتها لتوسيع مداخيلها والحفاظ على مكتسباتها وتقوية استقرارها المالي، فالتطور التقني والمعرفي في العالم وتسارعه اليوم ينعكس على مناحي حياة الشعوب وتطور احتياجاتها الأساسية والترفيهية ومن ثم اختلاف نوعية استهلاكها، وبالتالي تتغير مصادر التدفق المالي للدول وتزيد أعباؤها لمواكبة هذاالتطور، فعصب الاقتصاد لدولة ما قبل 100 عام يختلف عنه في هذا القرن وسيختلف عنه في المستقبل القريب، وجاءت جائحة كورونا لتُسرّع من التغيير وتفرض واقعاً جديداً في التعاطي الاقتصادي لهذه الدول مع الكثير من التغييرات الجيوسياسية، التي بدأت تفرض واقعاً جديداً على مستوى المصالح والتحالفات، ومن هنا نلمس الفرق بين دولة تتحرك ببطء وبيروقراطية أو حتى لم تستوعب أهمية التغيير والتجديد ودولة أخرى تتحرك بشكل مرن لاستباق التغييرات والاستعداد لها ومثال ذلك الإمارات العربية المتحدة.
أعلنت وزارة المالية الإماراتية عن استحداث ضريبة اتحادية على أرباح الشركات تبدأ من أول يونيو 2023 بنسبة أساسية تبلغ 9% ونسبة 0% على الأرباح التي لا تتجاوز 375 ألف درهم دعماً للأعمال الناشئة والصغيرة، وأكدت على وجود تطوير وتعديل واستثناء على هذه الضريبة متى ما دعت الحاجة لذلك، هذه الضريبة ليست إضافة مالية مهمة للدولة فقط بل أيضاً ستساعد على التزام أكبر بالمعايير الدولية للشفافية الضريبية ومنع الممارسات الضارة، وتمهد الطريق لمواجهة التحديات الناشئة عن رقمنة الاقتصاد العالمي ومسائل تآكل الوعاء الضريبي ونقل الأرباح الأخرى وفق أعلى المعايير الدولية، وبذلك تكون الإمارات قد زادت من مداخيلها لتقوية ملاءتها المالية ورفعت مستوى نظامها المالي وشفافيته، وهذا هو التوجه المستقبلي للاقتصاد الدولي الذي سيعتمد للحصول على جزء كبير من مداخيله على الرسوم والضرائب كمرحلة تسبق تخصيص كل مناحي الحياة بعد تجهيز البنية التحتية الملائمة وتشريع القوانين التي تنظّمها لكي تنتقل بعدها إلى تقديم الخدمات بتنافسية عالية تكون الدولة فيها هي الرقيب والمستفيد هو الحكم.
يأتي هذا التسارع في إعادة التنظيم والتشريع في دولة الإمارات العربية المتحدة متزامناً مع تغييرها لأوقات العمل الرسمية ليكون يوم الجمعة ضمن أيام العمل الأسبوعية، كتأكيد آخر على مرونة القيادة الإماراتية في تغيير استراتيجيتها لتواكب تطورات الاقتصاد العالمي وتوجهاته، في وقت تشهد المنطقة حراكاً اقتصادياً كبيراً ونهوضاً في رؤى دولها لتكون هي الوجهة العالمية الجديدة أمناً وسياحةً واستثماراً بعد أن أثبتت حنكتها في إدارة أزمة كورونا وخروج اقتصادياتها من تداعيات الجائحة بسلام لتجدد ثقة رؤوس الأموال والمستثمرين في قراراتها