جريدة الجرائد

إثراء جهود العناية بمدننا التراثية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

عطفاً على ما أشرت إليه في مقـال الأسـبوع الماضي، عن المناطـق القديمـة في مدننا، والسياسات البديلة التي يمكن اتباعها في مشروعات التجديد العمراني لتلك المناطق. لا أجد في الواقع ابلغ في التعبير عن جانب من هذه السياسات ضمن إطار تجربتنا المحلية من مشروع المحافظة على "بلدة أشيقر التراثية" والجهد الرائع للأهالي الذي أثمر عن ترميم البلدة الأثرية بكامل عناصرها، من بيـوت ومساجد وأزقـة وأسـواق وغيرهـا وليس الاكتفاء بمعالم متناثرة منها فحسب، بل وإعادة تأهيل تلك العناصر لكي تستعيد البلدة التراثية الأنشطة التي كانت موئلاً لها على مدى عقود. لتصبح تلك البلدة التراثية اليوم ضمن معالمنا السياحية البارزة.

ربما كانت الظروف المحيطة بتلك البلدة التراثية مواتية، كي تحظى بالنجاح في المحافظة عليها، واستعادة سماتها التاريخية، فقد كان النمو السكاني لمدينة أشيقر على مدى العقود الأخيرة طبيعياً، ولم تكن معدلات التحضر بها عالية، كما أن هذا النمو قد جرى استيعابه من قبل جهازها البلدي، ضمن مخططات خارج نطاق المنطقة التاريخية، مما جعله لا يمثل عامل ضغط على تغيير معالم تلك المنطقة، والعبث بأصالتها يضاف إلى ذلك أن هذا الجزء التاريخي من المدينة، لم يمزق نسيجه العمراني شق واستحداث الشوارع الجديدة، على نحو ما جرى في مدن أخرى، بل ظل هذا النسيج محتفظاً بنمطه التاريخي، إلى أن توجت محاسن تلك الظروف باستعداد أهالي البلدة من رجال اعمال وأثرياء ومهنيين ومهتمين للمحافظة على المنطقة التاريخية وترميمها بموارد أهلية، والسعي لتأهيل مبانيها وأسواقها كي تدب الحياة فيها من جديد.

للأسف أن هذه التجربة الغنية، لم يكن لها الصدى المماثل في مدن المملكة الأخرى، بالرغم من مرور نحو ربع قرن على بدئها، لذا قد يكون من منطلق إثراء هذه التجربة، ونشر مكتسباتها، أن تكون نواة لتأسيس جمعية وطنية تعنى بالمدن التراثية، توثق حصيلتها، وتبلور معايير قيمها ومبادئها، وتحتضن المبادرات الأهلية في مدن المملكة التي تنوي السير على ذات الدرب. كما تكون سنداً للأجهزة الحكومية المعنية بهذا الجانب. فالغاية هنا هي أسمى من أن تكون مدننا التراثية متاحف سياحية وحسب، بل أن تصبح أيضاً بيئة لاكتساب القطاع المهني المحلي الاستشاري والتنفيذي خبرة أعمق في العناية بهذا التراث وتطويره، وأن تتاح للجيل الحالي أداء مسؤوليته في الحفاظ على هذا التراث والإضافة إليه، ونقله بأمانة للأجيال القادمة، ليقوموا بتحمل ذات المسئولية، لتبقى جذور الأصالة في مدننا راسخة، ونبعها معين لا ينضب.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف