جريدة الجرائد

إسرائيل.. والأزمة الأوكرانية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

فجاة وجدت إسرائيل نفسها ومستوطنيها من يهود روسيا وأوكرانيا بين فكي خصمين لدودين تربطهما علاقات سياسية واقتصادية ومالية قوية باليهود الذين اصطف بعضهم على طرفي النزاع الروسي الاوكراني. فاليهود متواجدون بقوة في السياسة والاقتصاد الروسي ومن أبرزهم رجال أعمال أثرياء جداً من المقربين إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي رغم محاربته الطبقة المسماة الأوليغارشية، أي النخبة الثرية التي كونت ثروات خيالية في فترة حكم يلتسين، إلا أن هؤلاء فروا إلى أوكرانيا والغرب وإسرائيل لاحقاً، وبقي منهم أقوياء حول بوتين نفسه حتى الآن.

وفي أوكرانيا التي يسيطر المال اليهودي على تجارتها الخارجية من الفولاذ والحبوب توجد جالية يهودية كبيرة هاجر أكثر من نصفها إلى فلسطين منذ بداية المشروع الصهيوني مثل غولدا مائير وليفي أشكول إلا أنه بقيت هناك جالية كبيرة تحاول إسرائيل تخويفها من الوضع ليهاجر أفرادها إليها، لكن لا أحد حتى الآن لبى النداء. حتى الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية وعددهم 12 ألفاً رفضوا مغادرة أوكرانيا.

لقد تحولت الأزمة الأوكرانية الروسية بالنسبة لإسرائيل إلى أزمة داخلية أولاً وخارجية ثانياً، خاصة أن هناك مئات الألوف من الروس والأوكرانيين ممن هاجروا إلى إسرائيل احتفظفوا بجنسياتهم المزدوجة، وبعضهم لم يكونوا يهوداً بل ظلوا مسيحيين، وظل ولاؤهم ملتبساً بين إسرائيل التي أعلن وزير خارجيتها يائير لبيد أنه سيكون في الخندق الأمريكي في حالة الصراع بين القطبين، بينما نجد في عمق الأزمة زعيماً روسياً قومياً يهودياً هو فلاديمير جيرينوفسكي من أشد المتعصبين للقومية الروسية في مجلس الدوما، وكان في السابق تقدم بطلب للهجرة إلى إسرائيل، وهناك أحد قادة الانفصاليين في إقليم دونباس وهو يهودي أوكراني روسي يقود قوات انفصالية.

إسرائيل التزمت الصمت منذ بدء الأزمة، وحاول رئيس وزرائها بينيت التوسط وكأنه قوة كبرى بين روسيا وأوكرانيا فظل تصريحه بلا صدى، وطلب من وزرائه عدم التعليق، لكن بعضهم لم يستمع إليه، فقد تعرض لبيد إلى انتقادات لانحيازه إلى الجانب الأمريكي، كما أن الإعلام الإسرائيلي شن حملة ضد بوتين واصطف إلى جانب أوكرانيا. فإسرائيل كما يهود روسيا وأوكرانيا لهم مصالح في كلا البلدين، فمن ناحية هناك محاباة روسية لإسرائيل في الأزمة السورية من خلال إطلاق يدها في سوريا من دون تدخل روسي، بينما لإسرائيل علاقات وطيدة مع أوكرانيا والأوليغارشية الروسية الأوكرانية التي توغلت في الحياة الاقتصادية الاسرائيلية.

لكن إسرائيل لا تستطيع اتخاذ موقف محايد إذا ما طلب منها الأمريكيون ذلك. فسلاح العقوبات الذي بدأه حلف الناتو ضد روسيا بعد اعترافها بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك يفرض على إسرائيل الانضمام إلى العقوبات ضد روسيا وهو موقف محرج لها سياسياً وأمنياً واقتصادياً، لكن الأمريكيين لا يتهاونون في مثل هذه الظروف وبالتالي ستنصاع إسرائيل لأية مطالب أمريكية مع ما يمثله ذلك من إمكانية أن تنفض روسيا يدها من التفاهمات العسكرية مع إسرائيل بشأن حرية العمل العسكري في سوريا، بل يمكن لروسيا إن ضاق بها الوضع أن تعترض أي نشاط إسرائيلي في سوريا.

فالأزمة الروسية الأوكرانية لن تحل في وقت قريب بل ستمتد لفترة طويلة وقد تلحق أضراراً سياسية واقتصادية بإسرائيل، لكنها قد تعود ببعض المكاسب للدول المنتجة للنفط والغاز لتلبية حاجة أوروبا التي كانت تراهن على خط السيل الشمالي الروسي الذي أوقفت ألمانيا المصادقة عليه بعد العقوبات الغربية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف