جريدة الجرائد

اللعب ليس بديلًا للحرب

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

بعد نجاح الملك اليونانى القديم.. إيفيتوس.. فى إقرار النظام والقانون فى مملكة إيليه.. ذهب إلى كاهنة المعبد يستشيرها ويطلب منها الرأى والنصيحة فقالت له الكاهنة محذرة.. جنودك اعتادوا على الحرب والقتال.. دعهم يلعبون حتى لا يحتاجون للحرب.. دعهم يلعبون حتى لا يقتلونك.. وكانت هذه الجملة هى أول إشارة فى التاريخ العالمى للرياضة للعلاقة بين الحرب واللعب.. وهكذا بدأت الدورات الأوليمبية فى العصر القديم التى كانت فى بدايتها حفلات للشجاعة والقوة وتكريم المنتصرين فى الحروب.. وقبل ميداليات العصر الحديث.

كانت جائزة كل فائز أوليمبى فى تلك الدورات القديمة هى غصن الزيتون رمزا للسلام.. فلم يكن مسموحا بأى حرب أثناء إقامة الدورات الأوليمبية.. ومن الواضح أن توماس باخ، الرئيس الحالى للجنة الأوليمبية الدولية، كان يستند إلى ذلك المبدأ القديم جدا حين دعا روسيا لعدم الهجوم على أوكرانيا أثناء دورة بكين الأوليمبية الشتوية فى فبراير الحالى احتراما للهدنة الأوليمبية.. ويستطيع باخ وآخرون غيره توهم وتخيل استجابة موسكو لهذه الدعوة فلم تبدأ حربها فى أوكرانيا إلا بعد انتهاء الدورة بيومين.. والمؤكد أن موسكو اختارت موعد حربها بحسابات كثيرة، ليس من بينها انعقاد دورة أوليمبية أو صيفية.. فلم يعد العالم يصدق تلك الدعوات القديمة واحتاج سنينا كثيرة جدا ليدرك أن العرافة اليونانية كانت تقصد فقط جنود الملك إيفيتوس حين نادت باللعب كبديل عن الحرب.

فذلك كان فى عصر قديم يختلف تماما عما تلاه من أزمان وعصور.. وكان مجرد كذبة جميلة شديدة الرومانسية عاشت كثيرا قبل اكتشاف زيفها وعدم واقعيتها.. فاللعب لم يكن ولن يكون بديلا لأى حرب.. لكنه يصلح فقط لأن يكون سببا لنشوب حرب أو مقدمة ممكنة للتفاوض من أجل السلام.. ولو كان اللعب صالحا كبديل للحرب لكانت روسيا اكتفت باللعب مع أوكرانيا وانتصرت عليها.. فلم تشهد أوروبا دولتين دار بينهما صراع رياضى قدر روسيا وأوكرانيا.. وكيف لجأت الدولتان فى أوقات كثيرة لصراع الملاعب بديلا عن صراع السياسة والسلاح.. لكن تبقى للحرب.. أى حرب.. أسبابها ودوافعها وحساباتها وأحيانا مطامعها.. وكلها أمور لن يحققها اللعب فلا تبقى هناك حاجة للحرب والسلاح.. وهو ما جرى من جديد فى أوكرانيا وسيبقى يحدث طول الوقت فى أى مكان فى العالم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف