أوكرانيا تزيح «كورونا»
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
هي المصادفة وحدها التي جمعت بعض أوجه الشبه اللفظي بين مفردتي &"أوكرانيا&"، و&"كورونا&"، رغم أنه لا علاقة بين المفردتين، فالأولى اسم لبلد، والثانية اسم لوباء يجول في العالم كالشبح منذ نحو ثلاث سنوات، وأوكرانيا اسم مشتق من جذر سلافي يعني الطرف، أو الحدّ، تمييزاً له عن المركز، ولكن هذا الحدّ وضع حداً للموقع الذي تصدرته جائحة &"كورونا&" وتحوراتها، بما فيها المتحور الأخير &"أوميكرون&" في صدارة نشرات الأخبار، في وسائل الإعلام والتواصل، المرئي منها والمسموع والمقروء، لتصبح أخبار المعارك في أوكرانيا في موقع الصدارة هذا.
نحن أمام مثال ساطع حول كيف يزيح حدث ما حدثاً آخر عن موقع الصدارة في نشرات الأخبار وفي اهتمام الرأي العام في العالم، رغم أن الحدث المزاح عن الصدارة ما زال قائماً، وما زالت &"كورونا&" تحصد ضحايا في مختلف بقاع العالم، كما أن أعداد الإصابات بها تبلغ مستويات عالية، بفعل ما هو عليه متحور &"أوميكرون&" من سرعة في الانتشار والعدوى.
صحيح أن العالم بدأ في التسليم بضرورة التعايش مع الوباء، تاركاً للزمن اختيار اللحظة التي يختفي فيها، أو يتحول إلى نوع من نزلات البرد المعتادة، التي لا سبيل لتفاديها، كما أن عدد اللقاحات والعلاجات المكتشفة لمواجهة الوباء والحدّ من تفشيه أصبح كفيلاً بتوفير سبل مقاومة لهذا الوباء لم تكن متاحة قبل عام أو عامين، لكن هذا لا ينفي أن مواجهة الجائحة ما زالت شاغلاً كونياً للعالم بأسره، ما يجعل منها خبراً رئيسياً في نشرات الأخبار، حتى أتت حرب أوكرانيا بخلفياتها وتداعياتها وغموض أفقها لتصبح هي، وبدون منازع، الشغل الشاغل للعالم.
ثمة سؤال مهم هنا، هل كان بوسع حرب أخرى في بقعة أخرى من العالم أن تكون بخطورة وأهمية حرب أوكرانيا، ونكاد نقطع بالإجابة بالسلب عن هذا السؤال، فما يجري في أوكرانيا وحولها له أبعاد دولية كبيرة بحيث أزاحت كل الأخبار عن الصدارة، بما فيها أخبار &"كورونا&" لتتبوأ هي موقع الصدارة؛ لأن ما سيترتب عليها سيعيد تشكيل صورة العالم في المرحلة المقبلة.
الأحداث، بما فيها الحروب، تقدّم للإعلام مادته الإخبارية والتحليلية، دون أن نغفل أن الإعلام، بدوره، قد يصبح صانعاً للأحداث، ويندرج هذا في الخانة التي باتت تعرف ب&"الحرب الإعلامية&"، ولأنها حرب، حتى لو كانت إعلامية، فإنها ليست معنية بمعايير الصدقية والحياد والموضوعية والوقوف على مسافة واحدة من أطراف النزاع، فما هي إلا أحد أذرع الحرب الجارية بالسلاح.