جريدة الجرائد

دول الخليج.. ملاذ الروس الآمن!

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

من المعروف أن النفط من أكثر السلع تعقيداً عندما يتعلق الأمر بالتسعير، فعدد العوامل المؤثرة والمتأثرة بسعر النفط كبير لدرجة يصعب الإشارة إلى أحدها فقط دون اعتبار للآخر.

لكن يبدو في المرحلة الحالية أن الأسعار تقبع بين مطرقة الروس وسندان الاتفاق النووي الإيراني، كأهم العوامل المتغيرة تأثيراً على الحركة السعرية ولو على المدى القصير.

من جهةٍ، مجرد التلويح بفرض عقوبات على النفط الروسي (أحد أكبر 3 منتجين في العالم بـ11 مليون برميل يومياً والذي يمثل نحو 13% من الإنتاج العالمي)، عزز من صعود الأسعار لارتفاع مخاوف نقص المعروض ناهيك عن الارتفاع الحاصل أساساً بسبب الاضطراب في المعروض والإمدادات كنتيجة طبيعية للأزمة الروسية الأوكرانية، حيث وصلت أسعاره إلى قرابة 130 دولاراً للبرميل في نهاية الأسبوع المنصرم، والتي للمصادفة هي نفس الأسعار التي وصلها سعر البرميل عندما أخذت روسيا جزيرة القرم بالقوة عام 2014، في أحداثٍ مشابهة للوضع الراهن. أضف لذلك بحث المشترين عن بدائل للنفط الروسي لتفادي الوقوع ضمن دائرة العقوبات الأمريكية.

من جهةٍ أخرى، الاتفاق النووي الإيراني والذي يبد أنه وصل إلى مراحل متقدمة كما أشارت بعض التقارير أيضاً في نهاية الأسبوع الماضي، والذي يقف كعامل مضاد لارتفاع الأسعار، حيث سيمسح الاتفاق بضخ مزيد من المعروض في الأسواق بشكل رسمي والذي يقدر بنحو 4 ملايين برميل يومياً من النفط الإيراني، ويبدو أن دول شرق آسيا مثل كوريا الجنوبية متأهبة لهذا الاتفاق، خاصةً مع وجود استثمارات وأصول مجمدة، إضافة لموقع إيران الجغرافي، والتي تعتبر نقطة ترانزيت تجاري أيضاً.

هذا ظاهر الأمر، لكن عند النظر بعين المدقق، سنرى أن النفط الإيراني يتواجد في الأسواق ولو بطريقة غير رسمية أو غير مباشرة، والفرق سيكون فقط في سهولة عمليات البيع والشراء، ومن غير المتوقع في الوقت الحالي أي زيادة في الإنتاج الإيراني، لذلك فالأثر المتوقع محدود على الأسعار.

وعلى الطرف الآخر، فرض عقوبات على النفط الروسي بالشكل المطلق يبدو لي مستبعداً حالياً، لأنه كمن يُطلق النار على قدمه، فأثر هذه العقوبات لا يقتصر على روسيا وسيمتد إلى باقي العالم وأوروبا خاصة وعلى وجه الخصوص ألمانيا، أحد أكبر اقتصادات أوروبا، والتي تعتمد بشكلٍ أساسي في مصادر الطاقة على روسيا، ناهيك عن عدم القدرة على التنبؤ بأي إجراء مضاد من روسيا تجاه هذه العقوبات، والذي من شأنه أن يزيد الموضوع تعقيداً.

بناءً على ذلك، يبقى فقط عامل اضطراب الإمدادات والمخاوف هو المسيطر، وسرعان ما ستتأقلم الأسواق مع هذه الوضعية في حال عدم تطورها.

إذاً، مع محدودية أثر الاتفاق الإيراني والتوقع بعدم توقيع أي مقاطعة للنفط الروسي، ما الذي سيحد من حدة تذبذب السعر والارتفاع العمودي الحاصل مؤخراً؟

أولاً، يجب أن ننتبه إلى أن أسعار السلع بشكل عام والنفط بشكل خاص لم تبدأ بهذا الارتفاع مع بداية الأزمة الروسية، بل قبل ذلك بفترة طويلة وتحديداً بعد بداية جائحة كورونا، كما تشير الرسوم البيانية، ثم تبعتها عمليات التحفيز الاقتصادي وعوامل أخرى.

المفتاح في مصطلح حالة عدم اليقين. الأسعار تتحرك عادة بشكل عدواني عندما تسيطر حالة عدم اليقين على الأسواق، وما أن تتضح الرؤية بغض النظر عن مخرجاتها سيتأقلم المستثمرون مع المخرجات وتمتص الأسواق رد الفعل المباشر ثم ستعود الأسعار للهدوء والتحرك نحو محاورها الأساسية.

شخصياً، أتوقع أن تكون قرارات الفيدرالي المقبلة بخصوص السياسات النقدية للفترة المقبلة لاعباً أساسياً في إزالة جزء كبير من الضبابية، رغم صعوبة القرار وتخوف الفيدرالي حسب ما أعتقد من أخذ قرارات قد تأتي بنتائج عكسية وتفادي أن تكون مبنية على جزء كبير من تحركات غيرة مستمرة مثل تأثيرات الحرب الحالية، وارتفاع الأسعار دون قواعد اساسية داعمة قد تنهار عند زوال العامل المؤثر تزامناً مع ارتفاع في نسب الفائدة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف