جريدة الجرائد

لماذا لا تنهي أمريكا الأزمة مع روسيا؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

هذه رؤية أمريكية تختلف كلياً عن مجمل وجهات النظر التي طرحها خبراء ومتخصصون أمريكيون عن الصراع الدائر الآن مع روسيا، وهي رؤية يطرحها كتاب المؤلف جوزيف ويزبيرغ، الذي كان من قبل ضابطاً في المخابرات المركزية، وعضواً ضمن الطاقم السرى لإدارة الباب الخلفي لسياسة أمريكا الخارجية.

ويزبيرغ أصبح بعد تركه عمله المخابراتي، كاتباً سياسياً وروائياً، وتحولت مؤلفاته إلى مسلسلات تلفزيونية، يمزج فيها بين خبرته في عالم الجواسيس، ومحاولته الاقتراب من دائرة الصراع مع روسيا، في سعيه لفهم الحالة الروسية عن قرب.

إحدى كتاباته في هذا الاتجاه كانت عبارة عن دراسة نشرت في ديسمبر/ كانون الأول 2021، بعنوان &"الحرب الباردة انتهت: فلماذا لا نزال نعامل روسيا كأنها إمبراطورية الشرور&".

بعدها جاء كتابه &"روسيا رأساً على عقب - استراتيجية خروج من الحرب الباردة&"، الذي أثار جدلاً واسع النطاق، ومما زاد من رواج هذا الكتاب، أنه صدر في أعقاب كتاب سابق له بعنوان &"الأمريكيون&"، والذي تحول إلى مسلسل تلفزيوني.

وكان مضمونه يدور حول إثبات فشل سياسة الولايات المتحدة تجاه روسيا. ومقولته إننا لن نستطيع إصلاح تلك السياسة إلا إذا أعدنا النظر في العلاقة بين الدولتين.

ويقول جوزيف ويزبيرغ: لقد أمضيت سنوات عملي في المخابرات المركزية، وكنت في العشرين من عمري، وحين بلغت الثلاثين، فإن قبضة التفكير الصارم في عقلي، كانت قد خفت.

حينئذ شعرت بأننا في الولايات المتحدة ملتصقون بصورة جماعية بالماضي، مثلما كان حالنا في فترة الحرب الباردة، فكنا نرى أنفسنا في صورة الرجال الطيبين، ضحايا خصم لا أخلاق له. واليوم يتكرر الأمر في تلك النظرة إلى الرئيس الروسي بوتين، والتي نراه فيها عدواً، محاطاً بسرد قصصي شائع يصوره على أنه يريد استعادة مجد القوة العظمى السوفييتية، وأنه دكتاتور قمعي يتمسك بنشر النظام الاستبدادي الروسي خارج بلاده، وهو تصور ليس دقيقاً بالمرة، وبدلاً من أن نحاول فهم وجهة نظر بوتين، فإننا اختصرنا صورته في نموذج لقوة حاقدة، وإنه يروج لدعاية وأكاذيب هدفها إثارة مواطنينا ضد بعضهم بعضاً.

ثم يقول ويزبرغ، إنني لا أصدق أن بوتين، ورفاقه في الكرملين، هم شخصيات رديئة ومستبدة، أو إنهم يشكلون خطراً بالغاً لاستقرارنا ولديمقراطيتنا، بل على العكس، فإنني أرى أن العلاقة الأمريكية الروسية، تحت حكم بوتين هي في حالة ذهاب وعودة، وليست ثابتة عند مسار واحد فقط.

ثم جاءت حرب أوكرانيا التي لم نفعل شيئاً لمنع اشتعالها وقبلها كنا نتمدد في عمق الساحة الخلفية لروسيا.

ثم يطرح المؤلف الأمريكي رؤيته لتجاوز الأزمة ويقول: يجب على حكومتنا التوقف عن إصدار بيانات عن الشؤون الداخلية للروس، وأن تتركهم يعالجون مشاكلهم بعيداً عن انتقاداتنا، غير المرحّب بها منهم، وفي استطاعتنا أن نمد لهم غصن الزيتون، وإذا لم نكن نستطيع السيطرة على ما ستفعله روسيا في هذا الصراع طويل الأجل، إلا إنه في إمكاننا &- على الأقل&- نزع فتيل الأزمة.

تلك المؤلفات وغيرها جعلت من الكاتب جوزيف ويزبيرغ، محل اهتمام صفحات النقد للكتب التي تصدر في الولايات المتحدة، سواء الكتب السياسية، أو الروائية التي تحولت إلى مسلسلات تلفزيونية.

ولوحظ نفاذ رواياته في العمق السياسي للقضية التي يناقشها، والتي حملت عناوين كان من أبرزها &- &"لماذا لا نزال نعامل روسيا كإمبراطورية الشر؟&"، وكذلك طرحه لمفهوم استراتيجية الخروج من حرب باردة ثانية.

ولم تكن المكتبة الأمريكية توقفت من قبل حرب أوكرانيا بسنوات، عن الدوران بتتابع صدور مؤلفات لكتاب وخبراء متخصصين في استراتيجية سياسة أمريكا الخارجية، عن أزمة العلاقة مع روسيا، وقد تفاوتت توجهات تلك المؤلفات ما بين اتخاذ مواقف مناهضة بقوة لروسيا، وتصعيد الضغوط عليها، عسكرياً واقتصادياً وسياسياً، وبين مؤلفات ودراسات ترفض التشدد في الصراع مع روسيا، وترى أن تلك سياسة ستعود بالضرر على العالم، وعلى أمريكا ذاتها.

وأكثر ما لفت الانتباه إلى الرؤية التي طرحها جوزيف ويزبيرغ في مؤلفاته المتعددة، أنه كان أصلاً جزءاً من المؤسسة السياسية الأمريكية كضابط سابق في وكالة المخابرات المركزية. واتسع الاهتمام بمؤلفاته بوصولها إلى المواطن العادي عبر المسلسلات التلفزيونية، والتي نقلت له صورة تكاد تكون واقعية، من خلال دراما تسجيلية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف