جريدة الجرائد

«إزالة» طه حسين!

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

بخط رديء لشخص يبدو أنه لم يُكمل تعليمه، وبلون مقبض ظهرت كلمة &"إزالة&" على جدران مقبرة عميد الأدب العربي، الدكتور طه حسين، والتي تقع في منطقة التونسي بحي الخليفة جنوب القاهرة.

غني عن الذكر أن طه حسين هو أحد أهم الرموز المصرية في الثقافة العالمية، وأحد الذين تربينا على أفكارهم وصوتهم وصورهم وقصص تحديهم لواقعهم ليغيروه إلى الأفضل.

ولكن يبدو أن المسؤولين الثمانية، الذين قادوا حملة وضع العلامة &"x&"، وبعدها بأسابيع كلمة &"إزالة&"، إما لم يتعلموا أو لم يفهموا مما تعلموه أو لا يعرفون قيمة وقدر الرجل. وقد يكونون هم مظلومين إزاء هذا الموقف لأنهم ينفذون أمرًا صدر ممن لا يعلم أن تحدى ثقافة الشعوب ليس أسلم الطرق لإدارة هذه الشعوب.

للموت في الثقافة المصرية تقديس خاص، والمقابر بالتالي ظلت لها مكانة شديدة الخصوصية في الثقافة الشعبية المصرية عبر العصور. جاءت الأديان المختلفة إلى مصر وعاشت فيها وازدهرت لأنها تكيفت مع تلك الثقافة ولم تتحداها. وجزء يسير من هذا التكيف أن ثقافة الموت والقبور ظلت عبر التاريخ دون اختلافات كثيرة في طقوس الموت عند المصريين القدماء عما هي عليه اليوم.

هنا أتحدث عن الثقافة الشعبية العامة فيما يتعلق بالقبور، فما بالك عندما يكون هذا القبر ذا بُعد تاريخي وثقافي بسبب صاحبه. هذا يفسر حالة الغضب التي تنتاب الرأي العام، الذي امتلك ذاتيًّا منفذًا للتنفيس وللتعبير عن نفسه عبر السوشيال ميديا، كلما قرأ خبرًا جديدًا عن إزالة مقابر لعمليات إنشاء أو توسعة لطرق ومحاور جديدة. الناس تريد تسهيل حياتها بهذه الإنشاءات والتوسعات، ولكنهم أيضًا، وبنفس قوة الرغبة، يريدون احترام ثقافتهم التي عاشوا بها.

وهنا على مَن يدير أن يبحث عن نقطة التوازن، وأن يحترم الرأي العام، فيخاطبه ويشاوره، ويشرح أسباب ما يتخذ من قرارات بفهم وتقدير للثقافة الشعبية العامة. أما أن يكون الوضع هو جهة تنفي وجهة تصمت وأخرى تقول: &"لا أعلم&"، فهذا أمر تغيب عنه الحكمة، ويناقض أولويات وأصول التواصل مع الرأي العام.

صحيح أنه تمت، أمس، إزالة حرف &"x&" وكلمة &"إزالة&"، وتبعها بيان من محافظة القاهرة بأنه &"لا صحة لما يتم تداوله..&"، وهو فيما يبدو استجابة &"غير معلنة&" لرد الفعل الغاضب. وبالمناسبة التواضع بالإعلان عن الخطأ ليس عيبًا.

الجزء الباقى للأمم في التاريخ هو حضارتها، ووظيفة كل جيل أن يعمل للحفاظ على استمرار هذه الحضارة والبناء عليها. وثقافة الشعوب هي وقود هذه الحضارة. تحديها أو عدم الاعتداد بها ليس من الحكمة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
ولكن
زارا -

مكانة طه حسين كبيرة واحترام كل اثاره واجبة، ولكن ،يجب ان تفكروا انتم الكتاب والمثقفون ايضا في شيء مهم جدا ومن الغريب جدا جدا انكم لا ترونه !!!!القبور تتزايد يوميا لان الناس تموت، وكل القبور تقريبا تكون على مساحة ارض جديدة.....والاحياء يتوالدون يوميا والناس تزداد ويزداد الاحتياج الى اماكن للسكن والطرق والمباني ....الخ. انها عملية حسابية بسيطة جدا فلم لا ترونه؟؟؟!!!!!! انها فقط مسالة وقت، بعد فترة قصيرة جدا ستكون هناك ازمة سكن ومساحات للبناء والطرق والملاعب والمتنزهات، في كل العالم ، لان القبور لن تترك مساحة لكل هذا ..... الامر واضح كالشمس. وفي مصر المسالة اصبحت مشكله بالفعل خاصة وان مساحات القبور فيها كبيرة جدا، والكثافة السكانية هاءلة، والمساحة الصالحة في مصر للمعيشة ضيقة جدا، خاصة وان فكرة تخضير الصحراء لم تنفذ.في كل العالم، على البشر ان يروا هذه المشكلة الكبيرة وان يفكروا في دفن الاموات في قبور مستعملة اصلا..... الانسان يتحول الى تراب مع الوقت بعد الموت، وروحه هي التي يجب ان يتم تذكرها وتخليدها، وليس جسده الفاني.