هل تسهّل مغادرة عون سعي فرنسا لتليين موقف بن سلمان من لبنان؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
لم يكن اتصال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مستغرباً، اذ انه منذ كانون الأول (ديسمبر) الماضي عندما زار ماكرون جدة تم الاتفاق بين القيادتين على التعاون بشأن لبنان. وقد بذل ماكرون منذ ولايته الأولى جهوداً مستمرة لحث القيادة السعودية على الاهتمام بلبنان، وخصوصاً ان ولي العهد السعودي كان مستاء من هدر أموال المساعدات السعودية وإساءة استخدامها لمصالح خاصة.
اتصال مثمر
نجح ماكرون جزئياً في إقناع ولي العهد بالعمل مع فرنسا لإرسال مساعدات إنسانية لا تمر عبر الحكومة اللبنانية. أما الآن، ومع زوال بعض من استياء ولي العهد من لبنان مع انتهاء عهد الرئيس ميشال عون الذي كانت العلاقة بينه وبين السعودية سيئة بسبب تحالفه مع "حزب الله" ومواقف صهره جبران باسيل المعادية للمملكة، كان من الطبيعي ان يعود ماكرون للاتصال بولي العهد السعودي ليشاركه اهتمامه بضرورة العمل مع فرنسا من أجل الضغط على اللبنانيين لانتخاب رئيس بأسرع وقت وتنفيذ الإصلاحات.
وفي وصفه لـ"النهار العربي" هذا الاتصال، رأى مسوؤل فرنسي رفيع أنه كان مثمراً، سواء بالنسبة للمساعدات الانسانية للبنان او بالنسبة إلى انتخابات الرئاسة، مؤكداً أن ولي العهد يتابع الانتخاب الرئاسي في لبنان على عكس ما ينقل انه لا يبالي.
وفرنسا لا تزال داعمة للرئيس نجيب ميقاتي، وكان ماكرون أطلق مبادرة اتصال هاتفي من رئيس الحكومة اللبنانية الى ولي العهد السعودي خلال اللقاء الفرنسي - السعودي في جدة. الا انه لم يكن هناك متابعة لهذا الاتصال، فالسعودية لم تدع ميقاتي الى زيارتها. وتعول فرنسا على تأثير الأمير محمد بن سلمان على أصدقائه في لبنان للقيام بالضغوط بالتعاون مع ضغوط فرنسا للتوصل الى انتخاب رئاسي، علما ان فرنسا لم تدخل في لعبة أسماء المرشحين للرئاسة ولكنها تشارك السعودية رأيها في أنه لن يكون هناك رئيس من فريق "8 آذار" لأن ذلك قد يبقي الخلل في العلاقة السعودية - الفرنسية، ولكن باريس تعلم أيضاً أنه لا يمكن التوصل الى انتخاب رئيس في لبنان الا بتوافق مع الشريحة الشيعية على أن يحظى بموافقة المعارضة والسياديين، لأن مرشحاً على نمط الرئيس ميشال عون لن يتمكن من الحصول دعم السعودية لمساعدة لبنان في نظر فرنسا عندما يتم تنفيذ متطلبات صندوق النقد الدولي.
علاقة صعبة
واللافت ان العلاقة بين ماكرون وإيران أصبحت صعبة جداً بعدما اتهمه الكثير بأنه يحاول العمل تحت الطاولة لصفقة مع ايران بشأن لبنان، وهذا كان خطأ في التقدير من الجميع. جل ما في الأمر أن ماكرون رئيس شاب ليست له خبرة في ذهنية قيادة ايران والحرس الثوري واعتقدَ أنه بإمكانه الحصول على تنازلات من ايران، ولكنه اصطدم بحائط منذ لقائه الأول مع الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني عندما وافق الأخير على لقاء قام ماكرون بترتيبه مع الرئيس دونالد ترامب في فندق في نيويورك، ثم في اللحظة الأخيرة خذله روحاني الذي أبلغه المرشد علي خامنئي ألا يجتمع بترامب. وبقي ماكرون يحاول مع الإيرانيين ليقنعهم بعدم زيادة الشروط للعودة الى الاتفاق النووي، ولكنه اصطدم بطريق مسدود.
بقي ماكرون يحاول باتصالاته مع الرئيس الايراني الحالي ابراهيم رئيسي لإقناعه بالعودة الى اتفاق الملف النووي ثم الى دفع "حزب الله" الى اجراء الانتخابات التشريعية ثم الى تشكيل الحكومة ثم أخيراً الى انتخابات الرئيس. الا أنه مع ثورة النساء في ايران والقمع، وبعد تعرض ماكرون لانتقادات داخلية للقائه رئيسي في نيويورك واستمرار القمع ساءت العلاقة، ولو ان ماكرون يعول على حضور ايران في مؤتمر بغداد 2 في عمان لتناول التهديدات الإقليمية. ولكن العلاقة الفرنسية - الإيرانية تعكسها التصريحات الأخيرة لوزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا في "لوباريزيان" اليوم، إذ قالت: "يدعي النظام الإيراني ان التظاهرات في ايران مرتبطة بالخارج، وهذا غير صحيح، هي تحرك عميق، فالنساء، وليس النساء فقط، يتطلعن الى مجتمع أكثر انفتاحاً وإلى حرية، وينبغي دعم تطلعاتهن مثلما فعل الرئيس ماكرون عندما استقبل يوم الجمعة الشابات الايرانيات ودان القمع الوحشي الذي ينهال على متظاهرين مسالمين". وأضافت كولونا أن "عدداً من العقوبات تم اتخاذها وفرنسا طلبت على مستوى الاتحاد الأوروبي اتخاذ عقوبات في حق نحو 30 مسؤولاً عن القمع في ايران وسيتم تبنيها في بروكسيل، ونحن نطالب بالإفراج الفوري عن المعتقلين الفرنسيين في ايران ونطالب بحماية قنصلية فرنسية لهم مع حق زيارة القنصل لهم. وقد أجريت اتصالاً طويلاً وصعباً بنظيري الإيراني وقد التزم أن يحترم حق زيارة القنصل فينبغي الآن التنفيذ . وهناك 7 فرنسيين معتقلين وعلى ايران ان تحترم واجباتها الدولية وإذا كان هدفها الابتزاز فهي الطريقة السيئة للتعامل مع فرنسا".
وقال مسؤول فرنسي كبير لـ"النهار العربي" عن العلاقة الفرنسية - الإيرانية أنها بالغة الصعوبة، ولكنه أضاف أن هذا لا يعني أن فرنسا تريد استبعاد ايران عن مؤتمر بغداد 2 في عمان لتناول تهديدات الأمن مع جميع قوى المنطقة. ومن المتوقع أن يعطي الرئيس ماكرون مقابلة الى إذاعة "فرانس انتير" صباح الاثنين تم تسجيلها الجمعة يقول فيها كلاماً قاسياً عن ايران.