الهشاشة النفسية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
من الأمور المتعارف عليها والثابتة بالعقل والنقل أن الإنسان على ضوء ما أودع الله فيه من خصائص، يتميز عن بقية الكائنات الأخرى بالتأثر والتأثير في شتى مناحي الحياة، وأنه يتعرض إلى مواقف نفسية تراوح بين هبوط وارتفاع طوال مشوار حياته.
وقد ظهر حديثا في علم النفس الاجتماعي مصطلح أطلق عليه مسمى "الهشاشة النفسية"، التي يعرفها خبراء الصحة النفسية بأنها عدم قدرة الفرد على التكيف أو التأقلم مع ضغوط الحياة اليومية العادية والطبيعية، بمعنى أن أي حدث مهما كان صغيرا، فإنه يؤثر في الشخص ويستهلك من طاقته النفسية الانفعالية، ويجعل ردود أفعاله متضخمة غير متوافقة مع طبيعة الحدث.
فالهشاشة النفسية إذا شكل من أشكال الاضطراب النفسي يكون من أعراضها ارتفاع درجة القلق والتوتر النفسي، ويكون الإنسان فيها مرهفا شديد الانفعال ضعيف الثقة بالنفس، يخطئ في تقدير ذاته وقدراته، يرى نفسه أقل من الآخرين، ويصعب عليه اتخاذ قرارات مهمة في حياته سواء على مستواه الشخصي أو على مستوى أسرته، ما يجعله عرضة للإرهاق والأمراض النفسية والجسدية.
تجده حساسا بشكل كبير تجاه الآخرين وربما ابتعد عن أقرب الناس إليه بسبب تصوره الخاطئ أنهم ينظرون اليه بازدراء أو احتقار. يرى المختصون أن من أهم أسباب الهشاشة النفسية تلك الأسباب المرتبطة بالبناء النفسي للشخص منذ طفولته كالبيئة التي نشأ فيها ومقدار ما يتمتع بالحصانة النفسية، أو القدرة على التكيف مع ضغوط الحياة، فبهذا تكون بيئة النشأة قد هيأته لاستقبال الطاقة السلبية التي جعلته يترجم أفعال وأقوال وسلوكيات الآخرين بشكل سلبي وفهم خاطئ.
إن من يعاني الهشاشة النفسية يحتاج إلى إعادة بناء شخصيته وإدراكه لذاته وقدراته، وهذا لا يتحقق إلا بقوة الإرادة والرغبة، وأن يبحث عن نقاط الضعف لديه ويعمل على إصلاحها، وإن يوقن إيقانا تاما أنه ما لم يمد نفسه بعد توفيق الله بالقوة والصلابة النفسية التي تعوض الضعف الكامن في داخله، فإنه لا يمكن أن يحصل عليه من الآخرين.
وهذا يمكن أن يتحقق من خلال التغذية الروحية الإيمانية. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم، "إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم.. الحديث"، وكذا من خلال التحلي بالصمود النفسي والإيجابية في النظرة إلى الآخرين والحياة بصفة عامة والترفع عن التأثر بالأحداث البسيطة التي لا يسلم منها أحد.