ليبيا والحل الغائب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
احتفل الليبيون بالذكرى 71 لاستقلال بلادهم، في ظل انقسام سياسي حاد تعيشه البلاد، منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي عام 2011، فالوضع يزداد يوماً بعد يوم كارثية على حياة الليبيين، وعلى مستقبل ليبيا، ولا بوادر للحل في الأفق، بسبب فشل الأخوة اللّيبيين في إيجاد حلول سياسية سلمية للأزمة التي يتخبطون فيها، وهو فشل يتقاسم فيه الجميع المسؤولية، حيث تحولت سلسلة المصاعب الليبية كلّها، كنتيجة خليط من عوامل مركّبة داخلية وخارجية، تتحرّك معاً لتصنع أتون الصراعات والانقسامات، فكيف السبيل إلى التوفيق بين عقول لا ترغب أصلاً في الوفاق؟.
لا يبدو أن الحوار سيكون خياراً يخرج ليبيا من عنق الزجاجة، في ظل الاستقطاب الحاد على المستوى الداخلي، وتصدع بنيان منظومة الداخل الليبي بكل أركانها، وعدم قدرة النخب على المشاركة السياسية، وخلق بديل للشراكة، أو تقديم مشروع وطني مقنع، يتنفس المجتمع أفكاره ومصالحه، في ظل التناحر الذي يطوى كافة السبل للوصول إلى حلول لتخطي الأزمة التي تتفاقم يوماً عن الآخر، فوفقاً لما أظهرت تجربة السنوات الماضية، فإن هناك نخباً لا تعي جيداً أبعاد الخطر المحدق بالوطن والمواطن، باللجوء إلى تسويات سياسية مسكنة لا دائمة، دون الاهتمام بأول شروط الديمقراطية، وهو شيوع ثقافتها، ووفرة مناخها، في غياب قدر من الوعي والنضج الحضاري سياسياً، لتتمكن من النظر نحو المستقبل، أكثر من أن تنظر نحو الماضي.
وغني عن القول، إن الخطط المعـدّة بعناية، مع وضوح الرؤية، والدقة في التنفيذ، تجعل أية مبادرة قابلة للتنفيذ بالعمل على بناء التوافقات الداخلية، بعيداً عن الأجندات الأجنبية ذات المصالح الخاصة، وذلك لن يتأتى إلا بالحكمة، والابتعاد عن سياسة إضعاف الآخر، بل احتواؤه، إذ إن الاتفاق على القاعدة الدستورية وإجراء الانتخابات، ستكون بداية الحل لأزمة استفحلت، والمضي قدماً في بناء مؤسسات الدولة، وتحقيق المواطنة المتساوية، وحكم القانون، الذي لا يفرق بين الليبيين، وفقاً لانتمائهم الفكري والسياسي والديني والقبلي.