السلاح النووي في منطقة الشرق الأوسط.. مَن صنع المخاطر أولاً؟!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
من المقلق جداً أن تفاجئنا الأخبار في المستقبل بامتلاك دولة شرق أوسطية مثل إيران سلاحاً نووياً يمكنه أن يغير مفاهيم الأمن والاستقرار في المنطقة والتي لا يمكن أن نقول عنها إنها منطقة لديها أو حتى تسعى إلى (نهضة نووية) بالمفهوم السلمي لمصطلح النهضة النووية، فالسلاح النووي يمكن استخدامه سلمياً في إنتاج الطاقة وتسهيل الكثير من التحديات التنموية الكبرى في منطقة الشرق الأوسط التي يخيم عليها ارتباط مباشر بين مفهوم السلاح النووي ومفهوم القوة وتقويض الاستقرار في المنطقة.
العالم بأكمله يردد أنه سيمنع إيران من الحصول على سلاح نووي، ولكن هذه النظرية تساورها الكثير من الشكوك والتحديات كيف سيتمكن أحد من منع إيران من الحصول على سلاح نووي، وهل هناك رغبة فعلية للعمل على ذلك، لا شيء من المؤشرات الجادة يظهر على السطح، فهل كانت خطة العمل المشتركة التي وقعها الرئيس السابق أوباما مع إيران خطأ استراتيجياً تمت إضافته إلى نظرية الاستقرار في المنطقة، كل ما يحدث في المنطقة من سيناريوهات سياسية لا تحمل سوى الرجاء بأنها سوف تمنع إيران من الحصول على سلاح نووي ولكن الكيفية لتحقيق ذلك لازالت مفقودة وبقوة.
لا أحد باستطاعته منع المنطقة من الدخول في سباق الحصول على التقنية النووية ما دامت هناك دولة تقترب من الحصول على قنبلة نووية، اليوم وفي الشرق الأوسط تحديداً يمكننا التأكيد أن هناك إحدى عشرة دولة أعلنت أن لديها النية لاستكشاف الطاقة النووية ووقعت فعلياً اتفاقات من أجل التعاون النووي مع دول لديها الخبرة في هذا المجال، ما يقلق أيضاً هو أن مفهوم إيران للحصول على قنبلة نووية قد يتحول إلى مفهوم يسهل تبنيه من قبل دول المنطقة، وخاصة أن هناك كثيراً من دول الشرق الأوسط تمتلك القدرة المالية لجلب الطاقة النووية إلى بلدانها جاهزة من أجل حماية استقرارها، فسلوك إيران لا يمكن الثقة به إلى درجة كبيرة، ولكن يبقى السؤال المهم من سوف يمكنه منع إيران من الحصول على السلاح النووي بطريقة فعالة، ومن سوف يمكنه منع المنطقة من أن تكون مسرحاً للأسلحة النووية يهدد استقرار العالم بأكمله.
يبدو أن الارتباك الدولي القائم حالياً سيعطي الفرصة لبعض الأخطاء أن تظهر، فالحديث عن نظام عالمي جديد سيكون بمثابة مرحلة مهمة، فالانتقال من النظام الدولي التقليدي ذي القطب الواحد سوف يستغرق وقتاً طويلاً، وسوف تتعرض نظرية حماية المصالح الغربية في المنطقة إلى شيء من التحديات طويلة الأمد، لذلك فالخيار المتاح خلال الفترة القصيرة المقبلة هو إيقاف إيران وكبح جهودها للانضمام إلى النادي النووي.
سيناريو حصول إيران على سلاح نووي هو في الحقيقة غير مرغوب فيه حتي بين دول المنطقة نفسها؛ لأن حصول إيران على قنبلة نووية يكرس متطلبات صعبة على دول المنطقة، ولكنها في النهاية مضطرة إلى التعامل معها، وسيكون من الصعب على الجميع فهم ديناميكية المنطقة، ولن يتوقف القلق عند جيران إيران على ضفاف الخليج العربي؛ لأن كل الدول العربية ودول الشرق الأوسط الكبيرة سوف تشعر أن حصول إيران على قنبلة نووية يعني أن الوضع يزداد سوءاً في المنطقة، وأن ميزان القوى والاستقرار سوف يتعرض لأكبر عملية تهديد في تاريخ المنطقة بعد الحرب العالمية الثانية، وخاصة أن السلوك الإيراني في المنطقة خلال الأربعة عقود الماضية لا يدعو للاطمئنان من قبل جيرانها، لذلك فإن هذا التحول الخطير في ميزان القوى يمتلك الفرصة لإشعال سباق تسلح نووي إقليمي.
ثلاثة أسئلة خطيرة تنتظر الإجابة الدولية لأنه من دون هذه الأسئلة الوضع الإقليمي سيتجه إلى منطقة يصعب التنبؤ بنتائجها، السؤال الأول: كيف يمكن للسعودية ومصر وتركيا أن تتلقى فكرة امتلاك إيران قنبلة نووية؟ السؤال الثاني: ما العوامل الاستراتيجية التي سوف تؤثر في قراراتهم عند التعامل مع هذا الحدث؟ وكيف سيسعون للحصول على قنبلة نووية؟ السؤال الثالث: ما الذي يمكن أن تفعله القوى الدولية الغربية أو الشرقية لترويض المنطقة ومنعها من أن تكون معرضاً مفتوحاً للأسلحة النووية..؟.
المفهوم الإيراني للأسلحة النووية يشكل العقبة الأكثر بروزاً، فقادة إيران ينظرون إلى السلاح النووي كونه وسيلة للبقاء والمنافسة وتأمين السيادة، وخاصة أن إيران تشعر أنها لا تمتلك أي شكل من أشكال الانتماء للمنطقة العربية أو الشرق الأوسط، لذلك ليس لدى إيران أكثر من الطائفية لكي تقدمها كتعريف للمنطقة كي يتم قبولها ولكن الاستخدام المتهور للطائفية خلق أزمة استقرار كبرى جعلت من إيران هي من صنع مخاطر المنطقة بلا شك.