جريدة الجرائد

السيّاب والبصرة و«خليجي 25»

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

كان بدر شاكر السيّاب حاضراً في تظاهرة كأس الخليج العربي (خليجي 25) في البصرة، وفي الدوري الكروي العربي الخليجي كان المطر أيضاً حاضراً بصورته الشعرية الغزيرة التي مثّلها السيّاب الذي كان مسكوناً بعروبة الخليج وذاكرته وإشاراته الثقافية واللغوية (اللهجوية)، وحتى طبيعة الإنسان الخليجي الذي ارتبط في المنطقة بثقافة البحر ومكوّناتها التاريخية مثل الغوص على اللؤلؤ وتراجيدياته، وغياباته المريرة، التي، تحّملها الإنسان الخليجي، وأصبحت في ما بعد كل هذه التراجيديات سمّة رئيسية في الثقافة الأدبية الخليجية.

بكل هذه المحمولات كان السيّاب وقصيدته &"أنشودة المطر&" في قلب كأس الخليج العربي، وكان لافتاً ومثيراً للإعجاب فعلاً أن يستند الإعلاميون الخليجيون في تغطياتهم اليومية إلى صورة السيّاب وذاكرته، والبعض من هؤلاء الإعلاميين المثقفين راح يقرأ قصيدة &"أنشودة المطر&" في أثناء المباريات التي كانت غارقة هي الأخرى بالمطر.

الخليج عربي، والثقافة عربية، والأدب الذي تماهى مع المناسبة الرياضية أدب عربي رأينا وسمعنا تمثّلاته في الأداء الصحفي والإعلامي في &"خليجي 25&".


بعض زملائنا في البصرة قرأوا من &"أنشودة المطر&":.. &".. عيناك غابتا نخيلٍ ساعةَ السَّحَرْ../.. أو شرفتان راحَ ينأى عنهما القمر../.. عيناك حين تبسمان تورق الكروم../.. وترقص الأضواء.. كالأقمار في نَهَرْ..&" إلى أن يصل السيّاب إلى اللازمة المطرية إن جازت العبارة..

&".. مَطَرْ.. مَطَرْ.. مَطَرْ..&".

عاش السيّاب &"25 ديسمبر 1926 - 24 ديسمبر 1964&" هزيل الجسم، ضعيف البنية البدنية والصحية، عاش في الكويت في آخر أيامه؛ ومرض، وعاد نعشه إلى البصرة تحت وابل من المطر، غير أن هذا الشاعر صاحب الجسم العليل الهش كان يمتلك إرادة داخلية أسطورية تصل حدّ بطولة عظام الأولمب في الذاكرة الميثولوجية العالمية، ولعلّ تجديده الانقلابي في الشعر العربي حين انتقلت القصيدة العربية من شكلها الخليلي إلى شكلها التفعيلي هو إحدى إرادات هذا الشاعر الذي خذله جسده، وخذله قلبه أيضاً حين قال.. &"..أَحِبّيني.. لأني كل مَنْ أحببتُ قبلك لم يحبّوني..&".

ومع ذلك هو حاضر اليوم بروحه وذاكرته وأمطاره في مدينة عراقية يرتبط اسمها الجمالي والثقافي بالشعر.. تلك هي البصرة التي خرج من صلبها شعراء ورياضيون وموسيقيون وكتّاب عراقيون رائعون، وكل منهم له روايته وذاكرته المولودة على شطآن الخليج العربي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف