يا ولاة الأمر… لنقرأ قصة الذئاب المطالبة بحرية الأغنام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
حين يكون الهم الأساسي للحاكم رقي وطنه، لا يكون متكلفاً في مجلسه، لأنه ينشد النصيحة والرأي السديد، أما إذا كان ممن يحيطون أنفسهم بالمنافقين، والمداحين، فلا شك ستواجه دولته الكثير من المصاعب والأزمات بسبب غياب التوجيه المبني على الرأي الخبير.
وخير مثال على ذلك الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي دائما يردد في مجالسه المفتوحة: “كلمة أكررها دائماً، رحم الله من أهدى إليّ عيوبي، إذا رأيتم أو رأى إخواني المواطنين وهم يسمعونني الآن أي شيء فيه مصلحة لدينكم قبل كل شيء ولبلادكم، بلاد الحرمين الشريفين، الذين نحن كلنا خداماً لها، فأهلاً وسهلاً بكم، وأكرر أبوابنا مفتوحة وآذاننا صاغية لكل مواطن”.
لهذا تخلو مجالس هؤلاء الحكام من المنافقين والأفاكين، فمن كان لديه مشروع او نصيحة طرحها او يصمت، وعلى هذا المنوال أيضا ولي العهد السعودي الأمير محمد بن محمد بن سلمان، هذا الشاب الطموح والمفعم بالحيوية والنشاط، الذي أدرك أن المملكة لايمكنها أن تنافس اقتصادياً واستثمارياً إذا لم تتوافر لها الأساسيات، وهي الانتفاح ضمن الثوابت التي قامت عليها هذه الدولة العظيمة، لذلك يحيط نفسه بأصحاب الرأي السديد، والمعرفة.
وفي غضون سنوات تحولت المملكة قوة اقتصادية وسياحية، وملتقى دولياً لكثير من النشاطات، لأن الهدف هو بناء الدولة الحديثة المتينة الأساس.
أذكر أن في مجالس الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، وكذلك ابنه الشيخ مكتوم بن راشد، وأخيراً الشيخ محمد بن راشد، إذ لا يفسح في المجال للمداحين، وأصحاب القصائد الذين يبغون منها الفائدة الشخصية، فمن كان صاحب مشروع أدلى بدلوه، أو يصمت، ولهذا فإن دبي تحولت حالياً قاعدة استثمارية دولية، وهي تمضي، كما كل الإمارات، في طريق الانفتاح والتطور، إلى حد أنها تشارك في مشاريع فضائية.
في المقابل ثمة دول كأنها تقصدت التراجع والتخلف، لانه سكنتها فكرة “أنها غير”، علماً أن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه العزيز:” إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ” بمعنى أن لا شيء يتبدل طالما ثمة من يقتنع أنه أفضل من غيره، فيما هو يرزح تحت نير التخلف، لأن المنافقين والمداحين والأفاكين أحاطوا بالمسؤولين من كل حدب وصوب، وسدوا بالتالي عليهم رؤية الواقع.
تنطبق على المنافقين قصة الذئاب التي حاولت الدفاع عن الغنم، إذ كان أحد الرعاة يخرج بأغنامه، وقبل أن يحل الظلام يسوقها إلى حظيرتها، ويغلق الأبواب، فيما الذئاب تراقبه ولا تجد طريقاً لافتراس النعاج.
بعد حين تفتق ذهن أحد الذئاب عن خطة ذكية، وهي أن نظّمت الذئاب تظاهرة أمام بيت الراعي تهتف فيها بالحرّية للأغنام، وتطالب بإطلاق سراحها، وتأثرت الخراف بالهتاف، فبدأت تنطح أبواب الحظيرة بأقرانها حتى انكسرت، وفتحتها، وتحررت جميعاً، وهربت، فيما الذئاب تهرول وراءها، والراعي ينادي ويصرخ، وانتهى الأمر بالأغنام بلا راع ولا حارس، فكانت تلك ليلة سوداء على الأغنام الهاربة وليلة شهية للذئاب المتربصة، وفي اليوم التالي لمّا جاء الراعي الى السهل؛ لم يجد إلّا أشلاء ممزقة وعظاما ملطخة بالدماء.
احيانا يزيف المنافقون شعاراتهم من أجل مكاسب شخصية، ولا يهتمون بمصلحة الوطن والدولة، بل يوظفونها من اجل مصالحهم الخاصة، لذلك حين يجمع الحكام الناصحين في مجالسهم ويستمعون إلى آرائهم فانهم يبنون دولة قوية، تحفظ هيبتها التي هي من هيبة الحكم.
ثمة سؤال: هل أصبحنا قوماً الله لا يغير علينا؟