"حزب الله" القوي لم يعد مخيفاً!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
لم يعد لدى "حزب الله" ما يخيف به اللبنانيّين، فإذا هدّدهم بالإستحواذ على السلطة، وجدوها "خادمة" لديه، وإذا لوّح بالسيطرة على البلاد وجدوها ساقطة تحت سلطته، وإذا هدّد بحرب تجرّ الدمار على لبنان وجدوا دولتهم في الجحيم.
وليس لدى "حزب الله" ما يهدّد به الإقليم، فهو في وقت يهوّل على الولايات المتحدة الأميركية تجد رئيس الحكومة العراقية الذي أتت به القوى الموالية لإيران يرفع التنسيق مع واشنطن الى مستوى غير مسبوق، وهو في وقت يهدّد بالإنتقام من الإدارة الأميركية بضرب إسرائيل كما لو كانت "رهينة ضعيفة" تجد إسرائيل "ترجوه" أن يفعل حتى يخرجها من مآزقها الداخلية، وهو في وقت يهاجم فيه "الأوامر الخارجية" يلتزم بتعليمات إيران بوقف كل تصعيد لفظي ضد المملكة العربية السعودية.
في الواقع، لم يعد "حزب الله" يملك، على الرغم من قوّته الساحقة، ما يخيف به الداخل والخارج، بما في ذلك إمكان العودة الى خيار الإغتيالات، فأيّ فريق، في الوضعية الراهنة، ليس في وارد تلقي الرسائل الدمويّة، وتاليًا فإنّ اللجوء الى خيار الإغتيال، بدل أن ينعكس إيجابًا على "حزب الله" فهو يرفع من وتيرة التحدّي في وجهه.
وإذا كان خصوم "حزب الله" قد عجزوا سابقًا عن كسر سطوته، فإنّ حلفاءه، في الوقت الراهن، يفعلون ذلك، فـ"التيّار الوطني الحر"، ولأسباب "أنانيّة"، أظهر عجز "حزب الله" عن تحقيق ما يريد، ووقف، على الرغم من كل محاولات استمالته، في وجهه رافعًا صوت التحدّي، مهدّدًا بفرط التفاهم الذي قام بينهما، منذ العام 2006.
وأصاب العجزُ جميع المتعاونين مع "حزب الله"، كما هي عليه حال فرنسا التي أبرمت مع الحزب "تفاهم المصالح"، فوجدت نفسها غير قادرة على تسويق الحد الأدنى من رغبات الحزب حتى لدى "اقرب حلفائها" وأكثرهم انفتاحًا.
وعليه، فقد دخل لبنان في مرحلة غير مسبوقة من تاريخه الحديث، بحيث سقط الخوف من "حزب الله" بوتيرة لم يعرفها حتى في "مرحلة الشجاعة" ضد الإحتلال السوري، وهي امتدّت بين تمديد ولاية الرئيس السابق أميل لحود في أيلول (سبتمبر) 2005 وخروج آخر جندي سوري من لبنان في نيسان (أبريل) 2006.
وخلافًا لما يقلق البعض، فإنّ مداواة عدم الخوف لن تكون بمزيد من الترهيب، إذ إنّ غالبيّة اللبنانيّين باتوا على يقين بأنّ مكوثهم في القعر لم يكن ليطول ويتفاقم لولا سلوك "حزب الله" والتواطؤ معه الذي بات أقرب إلى الخيانة منه الى الحكمة.
وعليه، فإنّ الخيارات المتاحة لدى "حزب الله" باتت محدودة، فهو، في هذه المرحلة، لا يكسب وقتًا بل يهدر الوقت، وما يمكن أن يحصل عليه راهنًا يستحيل أن يحصل عليه لاحقًا.
ولهذا، فإنّ دعواته إلى الرضوخ لم تعد تلقى أذانًا صاغية، وبات لزامًا عليه أن يدخل تغييرات حقيقيّة على "نغمته"، إذ إنّ تخسيره اللبنانيّين كلّ شيء أخسره هو نفسه كلّ "قدرات الردع" التي طالما ابتزّ بها اللبنانيّين وقواهم السياسيّة.
وفي هذه الوضعية، لم يعد أمام القوى التي ترى في نهج "حزب الله" ضررًا كبيرًا على لبنان سوى مزيد من الصمود، لأنّ هذا الحزب، وفي حال أقفلت الأفق أمام طموحاته، سوف يبدأ الرحلة التي ينتظرها الجميع: التواضع!