المعارضة التركية أنقذت نفسها... فهل تهزم أردوغان؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لوهلة، بدا أن المعارضة التركية فوتت فرصة تاريخية لإسقاط الرئيس رجب طيب أردوغان في الانتخابات المزمعة في 14 أيار (مايو) المقبل. دب الذعر، عندما أعلنت رئيسة "الحزب الجيد" ميرال أكشينار، التي يعد حزبها ثاني قوة في المعارضة الأسبوع الماضي، أنها لن توافق على ترشيح زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو باسم المعارضة.
لكن في اللحظة الأخيرة، تمكنت المعارضة المعروفة بـ"طاولة الستة"- نسبة إلى الأحزاب الستة المنضوية تحت لوائها- الموقف وأقنعت أكشينار بالمضي بترشيح كيليتشدار أوغلو. وطبعاً لم يكن توافق المعارضة خبراً سعيداً بالنسبة إلى أردوغان الذي كان يراهن على أن تشرذم المعارضة الذي برز في الأيام الأخيرة، كان سيعتبر بمثابة هدية له، خصوصاً بعد الانتقادات التي طاولته على أثر الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا في 6 شباط (فبراير) الماضي.
وفي معرض تبرير رفضها لترشيح كيليتشدار أوغلو، قالت أكشينار أن الرجل لم يسبق له أن فاز في أي انتخابات بلدية أو رئاسية، أي أنه رجل يفتقر إلى الكاريزما المطلوبة في هذه اللحظة التاريخية، ولذلك اقترحت ترشيح رئيسي بلديتي اسطنبول أكرم إمام أوغلو وأنقرة منصور يافاش. والرجلان ينتميان إلى حزب الشعب الجمهوري. وفي كل الاستطلاعات يتقدم هذان الأخيران على أردوغان في الجولة الثانية من الانتخابات بفارق مريح، في حين أن كيليتشدار أوغلو يتقدم بفارق ضئيل، لا يجعل فوزه مضموناً.
لو وافق إمام أوغلو ويافاش على الترشح من خارج إرادة كيليتشدار أوغلو، لكان ذلك تسبب بانقسام الحزب المعارض الرئيسي نفسه، وأهدى الفوز لأردوغان بالضرية القاضية. ولذلك سارع إمام أوغلو ويافاش إلى إعلان رفضهما الترشح والوقوف خلف زعيم الحزب. وحتى الحل الوسط الذي اقترحته أكشينار بأن يترشح أحدهما لمنصب نائب الرئيس وجد معارضة من كيليتشدار أوغلو الذي أكد أن احتفاظ حزب الشعب الجمهوري برئاستي بلديتي اسطنبول وأنقرة، أهم بكثير من منصب نائب الرئيس.
إن عودة تحالف المعارضة إلى التوافق على كيليتشدار ليواجه أردوغان في أيار(مايو)، لا شك سيجعل الأمور أكثر صعوبة أمام الرئيس التركي الذي يعاني تآكلاً في شعبيته في السنوات الأخيرة. ومع ذلك رفض أردوغان الأخذ بنصائح من داخل حزبه لإرجاء موعد الانتخابات، وتمسك بموعدها المحدد.
وربما كان أردوغان يراهن على أنه في الوقت الذي زاد الزلزال من تذمر الأتراك، فإن التعاطف الدولي مع تركيا بإزاء الكارثة، لا بد وأن يطلق في نهاية المطاف ديناميكية تعاطف داخلية معه.
مؤشر آخر يصب في مصلحة أردوغان. إذ تباطأ التضخم في تركيا في شباط للشهر الرابع إلى 55,2% على أساس سنوي مقارنة بـ57,7% في الشهر السابق، وفق ما أظهرت بيانات رسمية. لكن اقتصاديين مستقلين يشككون في دقة هذه البيانات ويعتبرونها غير دقيقة.
ويبقى الاقتصاد من أهم العوامل التي ستحدد خيارات الناخبين عند وصولهم إلى مراكز الإقتراع. وفي السنوات الأخيرة، لم تكن العجلة الاقتصادية تدور على ما يرام في تركيا. وتعمقت الأزمة مع إصرار أردوغان على عدم رفع أسعار الفائدة كي يحد من التضخم، وتسبب ذلك بإقالة ثلاثة حكام للبنك المركزي التركي في غضون عامين.
ووصول تركيا إلى حافة الركود، دفعت أردوغان قبل عامين إلى إعادة النظر في سياسته الخارجية، فتصالح مع دول الخليج العربية ومع مصر، وأبدى منذ أشهر انفتاحاً على المصالحة مع دمشق بعد خصومة استمرت أكثر من 12 عاماً. وليس بخافٍ أن الدافع إلى التطبيع مع سوريا هو إيجاد حل لنحو أربعة ملايين لاجئ سوري على الأراضي التركية. وأدرك الرئيس التركي أن لا سبيل لمثل هذا الحل من دون الحديث مع دمشق.
من الآن وحتى 14 أيار سيخوض أردوغان التحدي الأكبر في حياته السياسية بعد أكثر من عشرين عاماً في السلطة، بينما المعارضة ترى أنها أمام فرصة تاريخية لإحداث التغيير، ومحو إرث حزب العدالة والتنمية.