جريدة الجرائد

الصناعات العسكرية والذكاء الاصطناعي

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

تشمل الصناعات العسكرية جميع النشاطات والعمليات المتعلقة بتصنيع وتطوير المعدات والأنظمة والتكنولوجيا المستخدمة في القطاع العسكري، حيث تهدف هذه الصناعات إلى تلبية احتياجات القوات المسلحة في مختلف الدول وتعزيز قدرتها سواء كانت الدفاعية أو الهجومية، كما تشمل هذه الصناعات العسكرية مجموعة واسعة من المجالات، بما في ذلك تصنيع الأسلحة بشتى أنواعها الخفيفة منها والثقيلة، والإلكترونيات العسكرية وما تشتمل عليه من تطوير وتصنيع للأجهزة الإلكترونية المستخدمة في الاتصالات والاستطلاع والتحكم والمراقبة والاستشعار وأنظمة الرادار والأقمار الاصطناعية، كما تتضمن أيضا تكنولوجيا الاتصالات والشبكات وما يصاحب ذلك من تطوير ونقل للبيانات وتقنيات الربط والاتصال بين الوحدات العسكرية المختلفة، وتشمل أيضا هذه الصناعات تطوير برمجيات أنظمة القيادة والتحكم والمراقبة والاستخبارات الاصطناعية والتشفيروغيرها، وتعد الصناعات العسكرية من القطاعات الحيوية والمهمة في كثير من دول العالم، ومن ذلك على سبيل المثال تأثيرها في المستوى الاقتصادي، حيث تلعب دورا مهما في توليد الإيرادات وتنوعها وإيجاد فرص العمل، إضافة إلى دورها في المنظومة الأمنية البارز والمهم في تعزيز القدرات الدفاعية والاستقلالية، ونظرا إلى ما للحلول الابتكارية والتقنيات التطويرية من أدوار متعددة في رفع القدرات وتحسين الكفاءت العسكرية وأهمية ذلك في استقرار الأمن عموما، لذا سيكون موضوع مقالنا اليوم حول هذا الدور وأهميته.

هناك عديد من الحلول الابتكارية في الصناعات العسكرية التي تهدف إلى تحسين كفاءتها وفاعليتها، من هذه الحلول على سبيل المثال لا الحصر، حلول الذكاء الاصطناعي لإيجاد أسلحة ذات تكنولوجيا ذكية يمكنها توجيه نفسها إلى الأهداف دون تدخل بشري وبدقة عالية وتقليل الخسائر في الأرواح، وفي الطائرات دون طيار حيث يتم التحكم فيها عن بعد، أو ذاتية القيادة التي يمكن استخدامها للمراقبة والاستطلاع والهجوم، ومن الحلول أيضا تقنيات الروبوتات الذكية، وأنظمة الحرب الإلكترونية المصممة للتشويش على الاتصالات وأنظمة الملاحة والرادارات، ومن الحلول الابتكارية الأخرى استخدام النانوتكنولوجي في تطوير مواد خفيفة الوزن وقوية المقاومة، واستخدام تكنولوجيا النانو لتصنيع أسلحة وأنظمة عسكرية في غاية الدقة، كما يتم باستخدام الأفكار الابتكارية تطوير الأسلحة الكهرومغناطيسية والأسلحة بالليزر لتحسين الدقة والكفاءة والقدرة على التدمير، والتكنولوجيا اللاسلكية والاتصالات التي تعزز قدرات التواصل والتنسيق بين القوات المسلحة وتبادل المعلومات الحيوية في الوقت الفعلي، كما تساعد الحلول الابتكارية على تطوير مواد وتقنيات جديدة لتحسين اللباس والمعدات العسكرية الواقية، تشمل هذه التقنيات تحسين الحماية من القنابل والطلقات والمواد الكيميائية والبيولوجية، ويتم من خلال الحلول الابتكارية القدرة على تطوير حلول الطاقة البديلة والمستدامة، مثل تقنيات الطاقة الشمسية والطاقة النووية والبطاريات المتقدمة، كما يستخدم الواقع الافتراضي في التدريب العسكري لإعداد الجنود للعمليات العسكرية. حيث يمكن للواقع الافتراضي أن يساعد الجنود على تعلم كيفية استخدام الأسلحة والمعدات العسكرية وكيفية العمل في بيئة قتالية، ومن الحلول الابتكارية أيضا استخدام التقنيات الإبداعية مثل تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد في تصنيع الأسلحة والمعدات العسكرية والاستفادة منها في تقليل الوقت والتكلفة اللازمة في التصنيع.

وعموما تهدف هذه الحلول الابتكارية إلى زيادة قدرات القوات والصناعات العسكرية وكفاءتها وهي تتطور باستمرار، والعملية البحثية والابتكار في هذا المجال مستمرة أيضا لتحسين الأداء وتلبية المتطلبات والتحديات الأمنية المستقبلية، فهناك تتنافس كبير بين الدول العظمى والشركات العالمية الكبرى لتطوير هذه الحلول، فهذه شركة ريثيون تكنولوجي الأمريكية على سبيل المثال تعد من أكبر الشركات المصنعة للفضاء والدفاع في العالم من حيث الإيرادات والقيمة السوقية وتنفق مئات المليارات وأكثر ولديها آلاف الاختراعات في هذا المجال وغيرها مثل شركة نورثروب جرومان وشركة لوكيد مارتن، وعديد منها لا يتسع المقال لسردها.

وتمتلك السعودية عددا من الشركات والهيئات في مجال الصناعات العسكرية مثل شركة الإلكترونيات المتقدمة، والمؤسسة العامة للصناعات العسكرية، وشركة الطائرات المروحية السعودية، والشركة السعودية للصناعات العسكرية، والهيئة العامة للصناعات العسكرية، والهيئة العامة للتطوير الدفاعي، واعتمدت استراتيجية لتطوير حلول ابتكارية للصناعات العسكرية محليا من خلال برنامج توطين حيث تستهدف الهيئة العامة للصناعات العسكرية الوصول إلى نسبة توطين تزيد على 50 في المائة من الإنفاق الحكومي على المعدات والخدمات العسكرية بحلول 2030، ومن خلال جذب المستثمرين وتمكين المصنعين سواء كانوا محليين أو دوليين، وبطرح الفرص الاستثمارية النوعية والمحفزات لهم، إضافة إلى ذلك تعتمد الاستراتيجية كذلك على تطوير التقنيات والحلول الابتكارية لهذا القطاع من خلال بناء الإمكانات والقدرات والكفاءات الوطنية وتمكينها، ونشر ثقافة الحلول الابتكارية في هذا المجال حيث هنالك المسابقات والجوائز لتحفيز وتشجيع المبتكرين والباحثين والمهتمين، ومن ذلك ما تم إعلانه أخيرا، عن جائزة الابتكار في الصناعات العسكرية، وأرى أن مثل هذا التوجه والعمل التكاملي بين القطاعات والجهات المعنية في هذا المجال سيمكن من أن تكون لدينا مجموعة واسعة من المنتجات والأنظمة العسكرية الإلكترونية المنافسة اقتصاديا، وسيسهم في تعزيز القدرات الوطنية وفي نقل المعرفة بشكل كبير.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف