"حزب الله" يدفع لـ"التيّار الوطني" حتى يسقط نقاط "خماسيّة الدوحة" السياديّة!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
لم يكن التشكيك بصحّة انتهاء التفاهم بين "حزب الله" و"التيّار الوطني الحر" مبنيًّا يومًا على سوء النيّة برئيسه جبران باسيل، بل كان وليد قناعة بأنّ التيّار الذي أسّسه الرئيس السابق ميشال عون لن يكون قادرًا على الحضور الفاعل في الحياة السياسيّة اللبنانيّة، من دون دعم "حزب الله".
وقد اغتنم باسيل اختلافه مع "حزب الله" في تقييم رئيس "تيّار المردة" سليمان فرنجية، ليس من أجل فرط "التفاهم" القائم بين الطرفين، بل من أجل تقوية أوراق قوّته فيه، من جهة ومحاولته رفع العقوبات الأميركيّة التي سبق أن فرضتها وزارة الخزانة الأميركية عليه، متّهمة إيّاه بالفساد، من جهة أخرى.
وقد استغلّ باسيل، من أجل تحقيق هذين الهدفين، القوى المعارضة لوصول سليمان فرنجية، بصفته المرشح الذي يريد "الثنائي الشيعي" فرضه على الجميع، فكان أن وافق على أن يتقاطع معها على ترشيح جهاد أزعور، مقدّمًا لـ"حزب الله"، في اللحظة نفسها، عرضًا علنيًّا، لحوار ثنائي يلي جلسة "لا إنتخاب أزعور وفرنجية" التي انعقدت، في الرابع عشر من حزيران/ يونيو الماضي.
وبعدما أجرى "حزب الله" قراءة عميقة لاتجاهات التصويت في الجلسة الثانية عشرة المخصصة لانتخاب رئيس الجمهوريّة، قرّر أن يفتح حوار جديد مع "التيّار الوطني الحر" الذي أبقى الأمر سريًّا حتى عن مناصريه الذين كانوا قد أخذوا راحتهم في وسائل التواصل الإجتماعي بالهجوم على "حزب الله"، ممّا اضطّر عون، بعد استعانة باسيل به، على التدخل طالبًا منهم، بأسلوب توجيهي في السابع والعشرين من حزيران/ يونيو الأخير الكف عن استعمال "الشتيمة والتنمّر"!
وقد بقيت المفاوضات الجديدة بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" على نار خافتة، إلى أن أصدرت "مجموعة الخمس" التي اجتمعت في الدوحة في 17 تموز/ يوليو الجاري بيانًا أضعف موقف "حزب الله" ليس في موضوع رئاسة الجمهوريّة فحسب بل في موضوع إيهامه بأنّ سلاحه غير الشرعي أصبح فوق كل نقاش، أيضًا.
وكان معروفًا أنّ المجيء الثاني الى بيروت لموفد الرئيس الفرنسي الشخصي الى لبنان جان إيف لودريان، سوف يكون ممهورًا بالنقاط المهمّة التي أوردها "بيان الدوحة"، الأمر الذي كثّف المفاوضات بين "حزب الله" و"التيّار الوطني الحر".
وليس من قبيل المصادفة أن يتزامن إعلان جبران باسيل عن تقدّم التفاهم بين "التيّار" و"الحزب" مع انتهاء الزيارة الثانية للودريان الى لبنان، بعدما أسفرت عن قرار بعقد "طاولة عمل" بين القوى السياسية، بعد ستة أسابيع، أي في الأسبوع الثاني من أيلول/ سبتمبر المقبل ، تليها انتخابات رئاسية في جلسات مفتوحة.
وتضمّن إعلان باسيل تلميحًا واضحًا إلى مقايضة بين "مرشحهم"، أي سليمان فرنجية، و"مطالبنا الوطنية"، أي إنشاء الصندوق السيادي وإقرار اللامركزية الإدارية الموسعة.
ومعلوم في لبنان أنّ العناوين الكبرى التي يتم رميها في الخطابات الرنّانة طالما استُعملت للغطاء على صفقات ومحاصصات.
وفي حال استمرّت الأمور على اندفاعها الحالي، فإنّ الأكيد أنّه مع عودة لودريان الى لبنان تكون قد تشكلت أكثرية نيابية جديدة من شأنها أن تضع "المعارضة السيادية" في موقع الأقليّة التي عليها، من أجل التصدّي للتحالف الجديد إمّا أن تلجأ الى التعطيل- وهذا ينقل التهمة من "الثنائي الشيعي" إليها، في ظل حديث جدّي عن لجوء المجتمع الدولي إلى سلاح العقوبات، أو الرضوخ والإذعان.
وقد قدّم التحالف الذي يقوده "حزب الله"، تحت أنظار لودريان، مناورة القوة، عندما أسقط دعوة "ساقطة أصلًا" وجهها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بناء على طلب "مهندس ترشيح فرنحية" الرئيس نبيه برّي، من أجل تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان لخلافة رياض سلامة الذي تنتهي ولايته، يوم الإثنين المقبل.
وإذا ما سحب هذا التحالف الذي برز في منع جلسة الحكومة من الإنعقاد، نفسه على انتخاب رئيس الجمهورية فإنّ "حزب الله" في هذه الحالة لا يعود يملك 51 نائبًا صوّتوا لفرنجية في الجلسة الإنتخابية الأخيرة، بل الأكثرية المطلقة، في وقت لا تخسر فيه المعارضة الأصوات ال59 التي نالها "مرشح التقاطع" جهاد أزعور فحسب بل الثلث المعطل أيضًا.
وفي هذه الحالة، يعيد خلط الأوراق الداخلية المبادرة الرئاسيّة الفرنسية التي أسقطتها "خماسيّة الدوحة" الى الحياة وتصبح البنود الواردة في بيان "الدول الخمس" من دون أدوات تنفيذيّة في الداخل اللبناني.
وعليه، لم يعد مهمًّا كثيرًا ما حمله لودريان الى القوى اللبنانيّة، إذ إنّ الأكثرية تصبح حيث شاء التفاهم المتجدد بين "حزب الله" و"التيّار الوطني الحر".
وهكذا يكون جبران باسيل قد استغلّ القوى المعارضة الأخرى من أجل أن يرفع الثمن الذي كان يطالب به لنفسه من "حزب الله".
ولكن، طالما أن باسيل أدخل الإستحقاق الرئاسي في "المزاد العلني"، فهو، وقبل أن ينتقل الى مقرّ الأمين العام ل"حزب الله" حسن نصرالله، بمفرده أو بمعيّة الرئيس السابق ميشال عون، يفتح الأفق على عرض أكثر "كرمًا" من مكان آخر!