جريدة الجرائد

الشباب بين الوظيفة والعمل الحر

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

حينما أقول الشباب، فإنني أعني الشباب السعوديين من البنين والبنات وهي الفئة الغالية جدا التي كانت في الماضي تفضل الوظيفة الحكومية، ويظل الخريجون ينتظرون طويلا حتى تحصل الوظيفة. أما اليوم، فإن الشباب والشابات لديهم خيار آخر، وهو العمل الحر أو الوظيفة في القطاع الخاص. قبل الانتقال إلى التفاصيل ولغة الأرقام، يجدر بنا معرفة التعريف النظري للوظيفة وللعمل الحر، وهنا نجد أن الوظيفة عبارة عن "مجموعة من الواجبات والمسؤوليات تحددها سلطة ذات اختصاص". بينما العمل الحر هو "مصطلح يستخدم لشخص يعمل لحسابه الخاص ولا يلتزم بالضرورة بوظيفة معينة لفترة طويلة"، ومن واقع هذا التعريف للوظيفة وللعمل الحر، فإن على الشاب أو الشابة أن يحدد ما يناسب طبيعته، وأن ما يناسب شخصا معينا قد لا يناسب شخصا آخر. ولو التحق بما لا يناسبه من وظيفة أو عمل حر، فالمصير بلا شك الفشل الوظيفي والخسارة المادية في العمل الحر.

أتذكر هنا قصة تثبت هذا القول عمليا، وهي أن شابا في نحو الـ30 من العمر جاء لي وأنا مسؤول في إحدى الشركات، وقدم أوراقه باحثا عن وظيفة، فلما تصفحت الأوراق عرفت أنه كان يعمل في أحد البنوك وفي قسم قروض أصحاب الأعمال، ولاحظت أنه ترك الوظيفة منذ نحو عامين، فسألته لماذا تركت الوظيفة المغرية ذات المرتب العالي والمزايا العديدة، ثم تعود الآن للبحث عن وظيفة قد لا تعطيك المرتب نفسه أو المزايا؟ هنا تنهد بشكل مؤلم، وقال يا أخي كنت في وظيفتي سعيدا وكنت أنصح من يقترض بأفضل الطرق لاستثمار القرض الذي يحصل عليه، ويعود فيما بعد ليشكرني على النصيحة ويبلغني بمقدار الأرباح التي حصل عليها. وقلت لنفسي، حتى قال لي بعض الأصدقاء لماذا لا تستقيل وتبدأ العمل الحر معتمدا على معرفتك بالسوق؟ وفعلا قدمت استقالتي وحاول رئيسي إقناعي بالبقاء أو على الأقل أخذ إجازة دون راتب لتجربة العمل الحر. ورفضت واثقا بنجاحي في المجال الجديد، كما نجحت في الوظيفة.

لكن -مع الأسف- واجهت فشلا ذريعا ولم تحقق لي نصائحي للآخرين أي نجاح، وهأنذا أدركت وأعترف بأنني خلقت موظفا، ولكن بعد أن خسرت كل شيء وجئت أبحث عن الوظيفة. وقبل الوصول إلى نهاية المقال لا بد من الوقوف على أرقام التوظيف، وكذلك المؤسسات الصغيرة، حسب إحصائيات وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، التي تشير إلى أن عدد السعوديين العاملين في القطاع الخاص وصل إلى أكثر من مليونين و100 ألف سعودي وسعودية بنهاية 2022، كما التحق خلال الربع الأول من العام الحالي ما يقارب 35 ألف سعودي، ما خفض نسبة البطالة إلى 8 في المائة فقط، وهو رقم تاريخي. أما الشركات الصغيرة، فقد تم تأسيس أكثر من 88 ألف شركة جديدة منذ نهاية 2022 حتى الربع الأول من العام الحالي، وبلغ إجمالي عدد المنشآت 1.2 مليون تقريبا بنسبة زيادة ملحوظة.

أخيرا، خلاصة هذا المقال أن على الشباب والشابات التأكد من قدراتهم قبل الاختيار بين الوظيفة والعمل الحر، حسب مهاراتهم ومواهبهم، وأن عليهم أن يطلبوا الاستشارة من أصحاب الرأي والخبرة العملية، ثم إذا بدأ موظفا أو مستثمرا فليس عيبا أن يغير اتجاهه إذا أدرك أنه اختار الطريق غير الصحيح، والمهم أن يفعل في وقت مبكر. مع الحرص على التدريب وتعلم اللغات اللازمة، خاصة في أثناء انتظار الوظيفة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف