جريدة الجرائد

النفط .. النشأة والهجرة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

نشأة النفط كانت محل خلاف بين كثير من العلماء حتى عهد قريب، فمنهم من كان يعتقد بصحة النظرية العضوية لنشأة النفط، وهناك من تبنى النظرية غير العضوية التي تخالف الأولى، وهم قلة. في هذا المقال سأسلط الضوء بإيجاز على هاتين النظريتين من حيث التعريف، وسأعرج بعد ذلك على كيفية هجرة النفط قبل ملايين الأعوام، وهل من الممكن أن يهاجر النفط مرة أخرى؟

أولا النظرية العضوية: الأغلبية العظمى من العلماء تعتقد أن النفط تكون من أصول عضوية نباتية وحيوانية، حيث تراكمت بقايا هذه الكائنات البحرية والنباتات في قيعان البحار والمحيطات وامتزجت برواسبها الطينية، وتكونت خلال مدة قد تصل إلى ملايين الأعوام طبقات كثيرة فوق بعضها بعضا "عملية الطمر" التي تخلو من الأكسجين بسبب وجود بعض أنواع البكتيريا التي نزعته. تحت ضغط كبير تكونت المواد الهيدروجينية والكربونية التي نتج عنها النفط والغاز الطبيعي، مستدلين بذلك على وجود حقول النفط في البحار والمحيطات أو بالقرب منهما.

ثانيا: النظرية غير العضوية التي تنص على أن النفط معدني الأصل بسبب تفاعل بخار الماء في باطن الأرض مع بعض الفلزات، ما أدى إلى تكون النفط. النظرية العضوية التي يأخذ بها سواد العلماء والمتخصصون سابقا وحاليا، هي الأكثر منطقية والأكثر إقناعا. ما يهمنا هنا أن النفط قد تكون قبل ملايين الأعوام بعد عمليات طمر حصلت للكائنات البحرية والنباتات وبعض العوالق والبكتيريا تحت ضغط عال جدا ولمدة طويلة جدا نتج عنها هذا النفط.

الجدير بالذكر أن النفط نشأ في صخور ذات نفاذية ومسامية عالية تسمى صخور المنشأ. ووجود ضغط مرتفع أدى إلى هجرته قبل ملايين الأعوام وبحثه في جوف الأرض عن مكامن نفطية ذات صخور أقل نفاذية ومسامية تقع في نطاق ضغط أقل، وتسمى هذه الصخور بصخور المكمن، فوصل إليها النفط واستقر فيها بسلام حتى وصلت إليه الأيدي البشرية باكتشافه.

لذلك، يمكن القول إن من شروط هجرة النفط الأولى تحديد وجهة في باطن الأرض ذات صخور أقل نفاذية وأقل ضغطا من صخور المنشأ. هذه الوجهة تسمى المصائد النفطية التي تحبس النفط وتمنع تحركه وهجرته رأسيا أو أفقيا في الظروف الطبيعية وبلا تدخل خارجي. إجابة للسؤال الذي تم طرحه في بداية المقال: هل من الممكن أن يهاجر النفط مرة أخرى؟ الحقيقة أنه بعد هجرة النفط الأولى قبل ملايين الأعوام واستقراره في مصائده المختلفة في باطن الأرض بأنواعها المختلفة، يمكن القول إن احتمالية هجرته مرة أخرى ضعيفة جدا، بل غير واردة، بإذن الله. هجرة النفط مرة أخرى تتطلب حدوث هزات أرضية وزلازل عنيفة جدا -لا قدر الله- تغير من جيولوجية طبقات الأرض، بحيث تكسر فيها صخور المصائد النفطية، وينتج عن ذلك اختلاف كبير في الضغط يدفع بالنفط إلى البحث عن مصائد يستقر فيها مرة أخرى.

الجدير بالذكر أن العامل الزمني هنا لا يمكن إغفاله أبدا إن حدث ذلك، فكم مليون عام تكفي لإتمام هذه العملية؟ لكن هذا لا يعني في بعض الحالات الخاصة أن ينتقل النفط من مكمن إلى آخر في نطاق الحقل الواحد "الحقول المشتركة" بسبب انخفاض الضغط الذي يسببه الإنتاج من إحدى الجهات المشتركة في هذا الحقل. ذلك لأن من الخصائص الفيزيائية للموائع الانتقال من الحيز ذي الضغط العالي إلى الحيز ذي الضغط المنخفض.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف