هل اقتنع الغرب بالتّفاوض في أوكرانيا؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
صدرت أخيراً أكثر من إشارة عن الغرب الداعم لأوكرانيا في حربها ضد روسيا، تعطي انطباعاً بأن ساعة الدخول في مفاوضات مع موسكو قد أزفت أكثر من أي وقت مضى.
يدل الأفق المسدود على الجبهات إلى أن الحرب في طريقها للاستمرار لسنوات، وأن أياً من الطرفين غير قادر على تحقيق اختراق كبير يجبر الطرف الآخر على التسليم بالهزيمة. وكان لإخفاق الهجوم الأوكراني المضاد الذي بدأ في حزيران (يونيو) الماضي، الدور الكبير في إقناع الغرب بأن الحرب ستكون طويلة ومرهقة لكييف وللدول الداعمة لها على حد سواء.
في هذا السياق، كان لافتاً تصريح رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني قبل أسابيع، بأن "ثمة الكثير من التعب الذي يتبدى على كل الأطراف... وتقترب اللحظة التي سيفهم فيها الجميع أن لا مخرج من المأزق".
وكانت دلالة قوية من الاتحاد الأوروبي عندما أقر أخيراً بصعوبة تحقيق هدفه في تزويد أوكرانيا بمليون قذيفة وصاروخ كما وعد سابقاً ضمن مهلة أقصاها آذار (مارس) المقبل. كما أن برلين رفضت رفضاً قاطعاً تزويد كييف بصواريخ الشبح من طراز توروس التي يبلغ مداها أكثر من 300 ميل.
وبحسب صحيفة "بيلد" الألمانية، فإن هدف برلين الآن يتركز على جعل أوكرانيا "في وضع تفاوضي جيد من الناحية الاستراتيجية"، بحيث تتمكن من الشروع في الحوار مع الكرملين حول "سيادتها وسلامة أراضيها". وبحسب تقرير للصحيفة، فإن "البيت الأبيض والمستشارية الألمانية يجريان مشاورات حول هذه النقطة، وأن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي نفسه يجب أن يقول لشعبه لماذا يتعين عليه الدخول في مفاوضات... وسيكون البديل من المفاوضات نزاعاً مجمداً".
ولمحت البعثة الأميركية لدى حلف شمال الأطلسي عبر منصة إكس (تويتر سابقاً) قبل أيام، إلى أن واشنطن "ستواصل دعم (الأوكرانيين) كي يكونوا في الموقع الأقوى على طاولة المفاوضات، عندما يحين وقت المحادثات... إننا نركز على إقامة الظروف المناسبة من أجل سلام عادل ودائم".
تجدر الإشارة إلى أن التلميحات الغربية إلى احتمالات التفاوض لا تنطلق من فراغ. ففضلاً عن جمود الجبهات ورغبة الغرب في تفادي حرب استنزاف طويلة، تلعب الانقسامات السياسية في الولايات المتحدة دوراً كبيراً في التحولات في المواقف.
حتى الآن يرفض مجلس النواب الأميركي الذي يسيطر عليه الجمهوريون الموافقة على حزمة مساعدات طارئة لأوكرانيا بـ61 مليار دولار، لأنهم يرون أن البيت الأبيض يفتقر إلى إيضاح ما هي استراتيجيته المستقبلية بالنسبة إلى النزاع الروسي-الأوكراني، بينما الرئيس السابق دونالد ترامب الذي يرجح أن يكون مرشح الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية بعد أقل من عام من الآن، يقول إنه يستطيع وضع حد لهذا النزاع "في يوم واحد" ويرفض منح أوكرانيا "شيكاً على بياض".
أمام رفض الجمهوريين تسهيل تقديم المساعدة لأوكرانيا، لجأ بايدن إلى مجلس الشيوخ، إذ إن قادة الجمهوريين هناك أقل موالاة لترامب، وأكثر حماسة للحفاظ على زخم الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة لكييف. لكن من غير المعروف كيف ستنتهي الأمور.
كما أنه يتعين عدم تناسي التأثير الذي تركته حرب غزة على مسار المساعدات الأميركية لأوكرانيا، على رغم أن المسؤولين العسكريين الأميركيين يحرصون على التأكيد أن مساعدتهم لإسرائيل لم تؤثر على الدعم المقدم لأوكرانيا. وقد زار وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن كييف قبل عشرة أيام لتأكيد هذه الناحية. بيد أن واقع الأمر ليس كذلك.
كل هذه المعطيات والظروف خلقت واقعاً عسكرياً وسياسياً جديداً، فرض تعديلاً في الاستراتيجية الأميركية، لا سيما في ما يتعلق بالنزاع الروسي-الأوكراني وضرورة مقاربته من الناحية الدبلوماسية، بعدما ثبت أن الضغط العسكري أخفق في تحقيق النتائج المتوخاة.