جريدة الجرائد

رئاسة لبنان وقيادة الجيش

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

من الأعراف التي وصلت إلى حد الثبات في التداول السياسي اللبناني، أن ثمة وظائف في الفئة الأولى، كقيادة الجيش وحاكمية مصرف لبنان وغيرها من الوظائف الأمنية والدبلوماسية، يعتبر شاغلوها مرشحون طبيعيون لرئاسة الجمهورية، وما رسخ هذه الظاهرة وصول بعض شاغليها لرئاسة الجمهورية في ظروف محددة.

ويشهد لبنان ظرفاً استثنائياً خاصاً، يتمثل في شغور منصب الرئاسة منذ سنة ونيف، وخوف كبير من شغور قيادة الجيش في العاشر من يناير/كانون الثاني القادم، وبالنظر لخصوصية الموقعين وترابطهما في الحياة السياسية اللبنانية، ثمة جدل كبير حول تفادي الشغور في قيادة الجيش وكيفية تلافيه، ومدى انعكاس ذلك على انتخابات الرئاسة. ومن الاقتراحات المطروحة تمديد فترة التسريح للعسكريين، إما بشكل يسمح لجميع الفئات، أو اقتصاره على الرتب القيادية العسكرية والأمنية، وبالتالي منصب قيادة الجيش، والأمر لا يقتصر على ذلك، فالجدل يطال السلطة التي يمكن أن تنفذ ذلك، هل بقانون عبر مجلس النواب أو بمرسوم في مجلس الوزراء؟ ولكلتا الحالتين خلفياتها وأسبابها وتداعياتها.

وغريب المفارقات في ذلك، أن حدة الجدل والخلاف بين الفئات والأطراف السياسية بلغ أشده؛ بحيث لم يعد ممكناً بسهولة المفاضلة بين الخيارات وكيفيتها عبر الداخل، ليطلق ذلك الأمر إلى رعاة اللجنة الخماسية، التي زارها المبعوث الفرنسي لودريان الأسبوع الماضي، والذي أشار إلى رغبة دول الخماسية التمديد لقائد الجيش الحالي، وبالتالي تعظيم فرص حظوظه في الانتخابات الرئاسية في ظل تباين كبير بين مختلف القوى الفاعلة والتي لها رأي فاصل في ذلك انطلاقاً من حسابات إما شخصية وإما فئوية في ذلك.

ثمة ثلاثة سوابق في الحياة السياسية اللبنانية للانتقال من قيادة الجيش إلى رئاسة الجمهورية، أولها وصول اللواء فؤاد شهاب في عام 1958 للرئاسة بعد أحداث وانقسام اللبنانيين عمودياً حول سياسة لبنان الخارجية آنذاك، والسابقة الثانية لدى التمديد لقائد الجيش آنذاك إميل لحود لثلاث سنوات لتأمين انتخابه للرئاسة بعد انتهاء التمديد الرئاسي للرئيس الياس الهراوي عبر تعديل دستوري، والسابقة الثالثة انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية في ظل فراغ رئاسي بعد ولاية العماد إمبل لحود.

إن الظروف الاستثنائية التي يعيشها لبنان تزيد الأمور تعقيداً، في ظل الترشيح غير المعلن لقائد الجيش للرئاسة، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، كيف يمكن أن تحل المشكلة؟ هل عبر قانون في مجلس النواب يمدد للعسكريين البقاء في الخدمة الفعلية ومن بينهم قائد الجيش، أو أن يتم التمديد في مرسوم في مجلس الوزراء؟

وأياً يكن الأمر، في التمديد أو عدمه، فثمة مشكلة كبرى أن لبنان سيواجه أيضاً تداعيات الظروف الإقليمية التي سيكون لها أثر في المنحى الذي ستسلكه الأمور لاحقاً في بلد ينقصه الكثير ليصبح بلداً ذا سلطة سيادية على أرضه. وفي ظل هذه الظروف القاهرة، سيظل الجدل والتباين والانقسام قائماً بين اللبنانيين حتى ولو في القضايا التفصيلية البسيطة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف