نحتفل.. ونفكر في حلول...
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
قلنا ونُعيد القول إن لشهر ديسمبر مساحة فرح غائرة في الوجدان الوطني نختزنها للأجيال إرثًا عنوان عطاء ونستظهرها بكثير من البهجة والفخر بدءًا من فواتح الشهر حتى نهاياته، فهو الشهر الحافل بمختلف المناسبات الوطنية التي تبعث على الأمل وتُبشر بأن الآتي أفضل وأكثر إشراقًا. أيام الفرح عديدة ومناسبات الأعياد كثيرة كفيلة بملء أيام الشهر من أوله حتى آخره. في هذا الشهر نحتفل بالعيد الوطني المجيد وفيه نجدد العهد والولاء لحضرة صاحب الجلالة المعظم الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه. وفي هذا الشهر تزدان شوارع مملكة البحرين بحلل الزينة وينتشر الفرح في كامل أرجاء الوطن العزيز الذي لم يكن لتتحقق كل إنجازاته وتتعزز نجاحاته لولا قيادة حكيمة آمنت بالإنسان البحريني صانعًا لحضارته بانيًا لأمجاده بمؤسسات دولة مدنية نشرت العلم وأمنت الصحة وأقامت العدل وبسطت الأمن والأمان في ربوع الوطن من أقصاه إلى أقصاه.
أما بعد، فقد جرت العادة على أننا نستذكر النجاحات ونعدد الإنجازات، وهي ولله الحمد، كثيرة وخيرها عميم ولن نغفلها ما حيينا؛ لأنها مصدر فخر واعتزاز وهي صك ولاء مطلق للقيادة السياسية، ويحق لنا بمقتضاها أن نفخر بانتمائنا إلى هذا الوطن المعطاء، إلا أننا في هذه المناسبة نود أن نخرج عما درجنا عليه لنسلط الضوء على ما نحن واثقون بأن الدولة عاكفة على إنجازه وتدرس مخرجاته وتسخر الإمكانيات بغضها وغضيضها لتحقيقه من أجل المواطن لينعم بخيرات وطنه ويرتقي درجات تعلوها درجات في تحسين مستوى معيشته، فلعل ذلك يُخرس تلك الأصوات النشاز التي لا أعرف كيف لها أن تجد في مناسبات الأفراح الفرص لتعكير صفو الفضاء الوطني بمختلف أشكال الإفك والأكاذيب ظنا من أصحابها بأنهم سيفسدون على الناس فرحتهم، ولكن هيهات.
وأستسمحك قارئي الكريم بحكم طبيعة القضايا التي وجدت ضرورة تسليط الضوء عليها في هذا المقال لظني بأنها أولوية، أن أخرج عن المألوف في أسلوب الكتابة لأضع لكل مسألة من المسائل التي اخترت عنوانًا، علمًا بأن الرابط الرئيس بين مختلف هذه العناوين حرصنا ونحن نحتفي بأعياد الوطن ونحتفل بها في اعتزاز كبير بما أُنجز لا نتوقف لحظة عن التفكير في الأفضل، والأفضل يكون بتجاوز عدد من المشكلات تجاوزًا يوفر لمجتمعنا الرفاه المنشود.
مسألة البطالة:
ثمة أمور وقضايا تقتضي الضرورة دراستها والبت في إجراءاتها بسرعة لتنتهي معاناة كثير من المواطنين خصوصًا في الوزارات الخدمية أو ما يتعلق بالقضاء على البطالة. ولعل البحث عن سبل للتخفيف من عبء البطالة عن الأسر البحرينية من أولى أولويات هذه الإجراءات، سواء أكان ذلك بتوفير الوظائف في الحكومة، مع علمنا بشح الموارد المالية والتي يتطلبها بند الرواتب، أم بخلق حوافز وتسهيلات لأرباب الأعمال في القطاع الخاص الذي نؤمن بأنه رافعة تنموية مهمة لضمان مستوى أعلى من الرفاه والاستقرار الاقتصادي في مملكتنا العزيزة إيماننًا بقدرته على استيعاب اليد العاملة الوطنية المشهود لها بالتفاني في العمل. ملف التوظيف والبحرنة في القطاع الخاص متخم بمتراكمات قديمة وينبغي أن تُسخر كل الجهود لحله، ففتح باب التوظيفات للبحرينيين في القطاع الخاص مع تعديل في سلم الأجور المستحقة سيعمل بشكل جيد على إغلاق الملف أو، على الأقل، وضع حد لاستمرار مشكلة مستعصية الحل. بالتأكيد أن هناك جهودًا تبذل في هذا السياق وأن كثيرًا من النجاحات قد تحقق، لكنها تبقى إلى الآن غير كافية، إذ كيفما وليت وجهك في ربوع الوطن فإنك حتمًا سترى بأن الجهد المبذول حتى الآن غير كاف لأن يبعث الأمن الاقتصادي والاجتماعي الكافيين اللذين تبحث عنهما كل الأسر المعنية بمعضلة البطالة خصوصًا مع الارتفاع الفاحش للأسعار.
مسألة السكن الاجتماعي
جاحد وكافر بالنعم من ينكر ما تخصصه حكومة البحرين في ميزانياتها من أموال من أجل توفير السكن المناسب للأسر البحرينية، عبر تخصيص مساحات الأراضي وتوفير بنيتها التحتية لينعم المواطن بسكن بمواصفات عالية الجودة يلبي طموحه هو وعائلته الصغيرة. وثمة قرارات وإجراءات تتخذها وزارة الإسكان لتسهيل إجراءات طلب الخدمات الإسكانية المتعددة، ولكن أيضًا ينبغي أن تكون وتيرة إنجاز الوحدات السكنية أكثر سرعة مع الأخذ في الاعتبار ملاحظات المواطنين المستفيدين من هذه الخدمات وشكواهم لتجاوزها في سكن المستقبل. لكن والحق يقال يبقى أن وزارة الإسكان من أكثر الوزارات الخدمية التي تحقق الكثير من النجاحات في تنفيذ خططها وأهدافها الإسكانية.
مسألة الحياة النيابية
لا يمكن الحديث عن قضايا الوطن من دون إشارة، وهي إشارة ليست عابرة، إلى أداء مجلس النواب، إذ تأكد بالأدلة القاطعة، من خلال القضايا التي يتم تناولها تحت قبة البرلمان، بأن المجلس الحالي فعلاً يمثل الشعب البحريني، ولكنه ليس بالمجلس الذي يمثل حلم هذا الشعب، ومع ذلك فكل ما نتمناه على أعضاء هذا المجلس أن يمضوا ما تبقى من عمر هذا المجلس متحرين الدقة في التفريق بين مصالح الشعب البحريني والدولة البحرينية من جهة ومصالحهم الشخصية من جهة أخرى، فالأصل في تمثيل الشعب في البرلمان خدمة النائب مصالح الشعب لا خدمة مصالحه الشخصية. بعدما تريثنا في الحكم للمجلس أو عليه، نحن توقفنا عن الحلم بأن يكون هذا المجلس منتجا لتشريعات وقوانين وأن يضمن مراقبة دقيقة لأداء السلطة التنفيذية عبر توظيف أدوات المجلس الدستورية المناسبة.
خاتمة لا بد منها
إيماننًا بقيادة البلاد الرشيدة وقدرتها على تجاوز مختلف الصعوبات راسخ وقوي، ونأمل أن نحتفل دائمًا بديسمبر الأعياد معددين المكاسب فحسب؛ لأننا نجحنا في إيجاد الحلول الهيكلية والمستدامة، فكل ديسمبر والبحرين أحلى وأجمل.