جريدة الجرائد

الطاقة قلب الصناعة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

الطاقة شريان الاقتصاد ومحرك التنمية وركيزة التطور، ولا يمكن بأي حال من الأحوال إغفال دورها التاريخي الذي غير شكل العالم من خلال الثورات الصناعية، وكذلك لا يمكن تجاهل أهميتها حاضرا ومستقبلا، وارتباطها الوثيق بالمدنية والاستدامة.

النمو الاقتصادي لأي دولة يرتبط ارتباطا وثيقا بصناعاتها المختلفة، ولنمو القطاع الصناعي واستدامته لا مناص من سلامة الشريان الرئيس الذي يغذي هذا القطاع المهم، وهو شريان الطاقة.

الجدير بالذكر أن اختلال منظومة الطاقة، وعدم استقرارها، وسلامة إمداداتها في أي بلد ما، سيؤثر سلبا في جميع الأنشطة الاقتصادية والنواحي الاجتماعية وغيرهما، لذلك نجد أن قضية أمن الطاقة العالمي هي قضية محورية، بل ترتقي لتكون قضية وجودية يجب التعامل معها بحكمة وموضوعية. بدأت شرارة الثورة الصناعية الأولى في بريطانيا باكتشاف الآلة البخارية في منتصف القرن الـ18، ما أدى بطبيعة الحال إلى ازدهار صناعاتها، ومن أهمها في ذلك الوقت صناعة النسيج والصلب. هذه الثورة الصناعية التي أسهمت في نمو اقتصاد بريطانيا وتطورها بصورة كبيرة، لم تتوقف عند حدود بريطانيا، بل كانت عابرة للحدود، فاستفادت منها دول أوروبا في القرن الـ19، ومنها إلى أمريكا الشمالية. الفحم الحجري يعد العمود الفقري لهذه الثورة الصناعية، التي اعتمدت عليه بصورة أساسية لتشغيل الآلات البخارية في مختلف الصناعات. بدأت ملامح الثورة الصناعية الثانية تطل بوجهها الحسن في أواخر القرن الـ19، عندما اكتشف الباحث الأمريكي إديسون الكهرباء والمصباح الكهربائي نحو عام 1880.

اكتشاف النفط وما صاحبه من طفرة هائلة في الصناعات الكيميائية المصاحبة له كان تحولا تاريخيا، والقاعدة الأساسية التي اعتمدت عليها الثورة الصناعية الثانية، إذ أصبح النفط المصدر الرئيس للطاقة بدلا من الفحم، الذي ما زال يستخدم حتى وقتنا الحاضر مصدرا من مصادر الطاقة.

مع بداية القرن الـ20، تم تحقيق إنجاز علمي جوهري يعد اختراقة في عالم المواصلات، الذي حفز الصناعات لسهولة نقل المنتجات حول العالم بسهولة أكثر وبسرعة أكبر، وهو اكتشاف المحرك الانفجاري الذي يعتمد على الوقود. هذا التطور السابق ذكره وهذه الثورات الصناعية لم تكن لتتحقق في منأى عن الطاقة، ما يعكس أهميتها وأهمية استدامتها وسلامة شرايينها وإمداداتها. كما أن التاريخ أثبت أن الطاقة كانت روح الصناعة وجوهر ثوراتها، فإن الحاضر الذي نعيشه الآن يؤكد أن شحها في المقابل يعد أكبر تهديد للصناعة وأعظم خطر عليها، وما يحدث في أوروبا بسبب الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا التي تسببت في توقف إمدادات الغاز والنفط الروسيين كليا أو جزئيا عن دول أوروبا، يعلق جرس الخطر عن ضرورة استقرار أسواق الطاقة العالمية وإمداداتها.

الأمثلة كثيرة من أرض الواقع حول أثر شح الطاقة في الصناعة وتهديدها، ولعل من الأمثلة القريبة ما حدث في بريطانيا نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية التي ألقت بظلالها على شرايين الطاقة الأوروبية.

بحسب رابطة المصنعين البريطانيين، شهد نحو نصف المصانع البريطانية زيادة في فواتير الكهرباء 100 في المائة قبل عامين، وأن منظم الطاقة البريطاني قد أعلن رفع الحد الأعلى لفواتير الكهرباء للمستهلكين بمقدار 80 في المائة بسبب ارتفاع أسعار الطاقة العالمية. ارتفاع أسعار الكهرباء هدد الصناعة البريطانية بصورة كبيرة وقد حذرت بعض الجهات في خضم الأزمة أن 60 في المائة من المصانع البريطانية مهددة بالإغلاق.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف