جريدة الجرائد

الذكاء الاصطناعي التوليدي وآفاق التعاون والابتكار لمستقبل أفضل

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

تُمثّل التقنيات المتطورة وأنظمة الذكاء الاصطناعي -بمختلف أشكالها- عنصراً أساسياً في إحداث تحولات كبيرة بجميع جوانب حياتنا. وتبرز الأهمية البالغة لهذه التقنيات والأنظمة في قدرتها الكبيرة على تجميع البيانات وتحليلها بكفاءة وسرعة تتجاوزان القدرات البشرية، ما يخلق فرصاً غير مسبوقة، ويفتح آفاقاً واسعة للاستخدامات التي تسهم في توفير الوقت والموارد للإنسانية. وبصفتي طبيباً، فإنني أتطلع -بشغف- إلى ما يمكن أن تُضيفه هذه التقنيات والأنظمة المذهلة إلى قطاع الرعاية الصحية لتطوير تجربة المرضى، عن طريق توفير خدمات أكثر دقة وكفاءة، مع الحفاظ على تلك اللحظات الإنسانية الفريدة بين الطبيب والمريض.

وفي عصر يسوده التنافس الشديد في تطوير التقنيات المتقدمة وتطبيقها، يحتل الرواد الذين يقدمون ابتكاراتهم -بسرعة- موقع الصدارة، ما يجعل الابتكار والتطوير السريع ركيزتين أساسيتين للنجاح. وأوجدت دولة الإمارات العربية المتحدة لنفسها مكانة رائدة بين شتَّى دول العالم في مجال الابتكارات، وتطوير التطبيقات المعززة بالذكاء الاصطناعي، وذلك عن طريق استراتيجياتها لتعزيز أفضل الممارسات، وتشجيع الاستثمار في التقنيات المبتكرة، مع التركيز على تطوير أحدث التقنيات ودمجها في جميع قطاعاتها الخدمية.

وفي هذا السياق استمعت في وقت قريب لشرح عن النموذج اللغوي الكبير &"فالكون 180 بي&"، الذي حاز تصنيف أقوى نموذج لغوي مفتوح في مجال تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي على مستوى العالم، وطوَّره معهد الابتكار التكنولوجي في أبوظبي، بصفته مثالاً بارزاً على النماذج الحاسوبية المتقدمة. وتتميز نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي عن نماذج الذكاء الاصطناعي التقليدي بقدرتها على توليد محتوى جديد ومبتكر عن طريق التعلم العميق، وإنشاء سياقات تعتمد على توليد المحتوى بدلاً من التحليل والاستنتاج فقط، ما يفتح آفاقاً جديدة للاستخدام في مجالات متعددة. ويعتمد نجاح استخدام مثل هذه النماذج في التطبيقات العملية على الوصول إلى مجموعات بيانات كبيرة ومتنوعة لتمكين التعلم الآلي المناسب. ونظراً إلى التقدم الملحوظ في البنية التحتية الرقمية لقطاع الرعاية الصحية بدولة الإمارات العربية المتحدة، ولا سيما خدمات التأمين الصحي، فإن ذلك يمهّد الطريق لفرصة استثنائية تتيح التكامل والتعاون بين المؤسسات الطبية المحلية، ومعهد الابتكار التكنولوجي لتحقيق السبق في هذه المنافسة العالمية.

ويمثل تبادل البيانات بين مقدمي الرعاية الصحية ومراكز الابتكار التقني عاملاً محورياً لرفع مستويات الكفاءة والفاعلية في التطبيقات الطبية المبتكرة، ما يُعد عنصراً أساسياً لتحقيق النجاحات وتطوير الممكنات في مواجهة التحديات الطبية الطارئة والمستقبلية. ويشير الدكتور جيانريكو فاروجيا، رئيس مستشفى مايو كلينك ومديره التنفيذي، إلى أهمية إعادة التفكير في كيفية الابتكار باستخدام التكنولوجيا الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية، ويؤكد ضرورة الانتقال من نموذج العمل التقليدي إلى نموذج يعتمد على المنصات الرقمية التي تمكّن التعاون المستمر والمشاركة بين شتى الأطراف، ومنها مزودو الرعاية الصحية، وشركات الصناعات الطبية، وشركات التكنولوجيا، وجهات التأمين الطبي، ما يؤدي إلى إيجاد حلول متكاملة تعتمد على بيانات المرضى والأنظمة التي تتعلَّم باستمرار.

ومن جهة أخرى يشدد المتخصصون على أهمية تحقق الخوارزميات في بيئات واقعية وممثلة للمجتمع لبناء الثقة بها، وهو أمر حاسم لضمان فاعلية وموثوقية مثل هذه التقنيات في التطبيقات الإكلينيكية. وستعمل هذه الجهود، في حال تبنيها، على تسريع الابتكار في تطبيقات الرعاية الصحية.

ويُعَد التعاون ومشاركة البيانات بين مزودي خدمات الرعاية الصحية، ومعهد الابتكار التكنولوجي فرصة سانحة لتحقيق السبق نحو الريادة العالمية في مجال الابتكارات التكنولوجية، ولا سيَّما تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي في قطاع الرعاية الصحية. وسيسهم هذا التعاون في تحسين الخدمات الطبية، وسيفتح آفاقاً واسعة لمشاركة هذه الابتكارات مع العالم، ما يعزز مكانة دولة الإمارات الرائدة في المشهد التكنولوجي الدولي. وأرى أن الطموح لا يتوقف عند هذا الحد، فدولة الإمارات تمضي قدماً في رسم مستقبل مشرق ومستدام لإرساء أسس عهد جديد من الابتكار والكفاءة في جميع القطاعات، مرسخة دورها الريادي بصفتها مركزاً عالمياً للابتكار والتميز الطبي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف