ليبيا.. حصاد سياسي مرّ
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
تتواصل الاجتماعات بين أطراف الصراع في ليبيا، وبينهم وبين مبعوث الأمم المتحدة عبد الله باتيلي، ويشارك في التواصل مندوبون عن دول خارجية، لا سيما المبعوث الأمريكي الخاص ريتشارد نورلاند، وعادت مصر لتلعب دوراً توفيقياً، وقد استضافت مؤخراً اجتماعاً مهماً بين رئيس مجلس النواب عقيلة صالح والرئيس الجديد للمجلس الأعلى للدولة محمد تكاله. وكل هذه اللقاءات تهدف إلى حل المعضلات المتبقية كعقبات أمام إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي كان يفترض أن تجري قبل عامين. ومن الواضح أن هناك دفوعات متعاكسة لعربة الحلّ الليبي، مع وجود تعارض بين أطراف خارجية وأطراف داخلية حول الأهداف المرجوة، وبينما يدفع بعض هذه الأطراف بالعربة إلى الأمام وفق الاتجاه الذي حددته الأمم المتحدة وأيدته الأطراف العربية المتابعة، هناك مَن يشدّ بالعربة إلى الخلف لتأخير وصولها إلى الهدف المنشود.
منذ ما يزيد على 11عاماً تعيش ليبيا حالة من عدم الاستقرار، تخللتها حروب شرسة ومواجهات دامية بين الأطراف المتنازعة، واستفادت المنظمات الإرهابية من حالة الفوضى، واستخدمت الساحة الليبية -لا سيما في الجنوب- لتهريب السلاح والأشخاص، ولإيواء المطلوبين من المرتكبين وإنشاء معسكرات تدريبية. كما عانى المواطنون الليبيون ضائقة معيشية رغم غنى بلادهم بالثروات.
المبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا ريتشارد نورلاند يوجد في ليبيا بشكل مكثف هذه الفترة، وتصريحاته تؤكد دعم مبادرة الأمم المتحدة، لا سيما العناوين التي جاءت في التصريح الذي صدر عن رئاسة مجلس الأمن الدولي في 4 آذار/ مارس الماضي، لكن التسريبات التي وصلت إلى بعض الجهات المتابعة، ونشرتها وسائل إعلام مختلفة لحظت أن أولويات الولايات المتحدة تختلف عما يُعلنه نورلاند، وهي كانت قد شجعت بعض الأطراف على رفض بنود في قانون الانتخابات في الماضي، كما تحاول حفظ مصالحها في ليبيا في مواجهة تزايد نفوذ روسيا فيها.
وهناك مشكلة أخرى تتعلق بطلب تأليف حكومة وحدة وطنية تشرف على الانتخابات، لكن رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة يرفض الاقتراح، لأن اتفاقيات جنيف مطلع عام 2021 لحظت أن مهمة حكومته الإشراف على الانتخابات، وهو لن يسلم السلطة في طرابلس إلا لحكومة جديدة بعد إجراء الانتخابات، ويبدو أن الدبيبة يلقى بعض الدعم من أطراف خارجية ومن مجموعات داخلية مؤثرة، لا سيما من ميليشيات في مدينة مصراطة.
المشكلة المستجدة بقوة على ساحة الصراع، والتي تؤجل انعقاد مؤتمر الحوار هي مطالبة فريق سيف الإسلام القذافي بالكشف عن مكان دفن والده الذي قُتل في سرت بتاريخ 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2011، ومعه ابنه المعتصم بالله، ووزير دفاعه أبو بكر يونس، ويتهم هؤلاء الحكومة بالتقصير في إيجاد حل لهذه المعضلة، خصوصاً بعد أن اعترف زعيم مليشيا &"لواء الصمود&" في مصراطة بأنه شارك في دفنه في مكان وسط الصحراء. ويقول أنصار القذافي أن بعض مَن في السلطة اليوم يخافون من تحوُّل ضريح القذافي إلى مكان يزوره كثيرون، ويزيد من شعبية مؤيدي ابنه سيف الإسلام.
حصاد عام ٢٠٢٣ في ليبيا كان وفيراً، ولكنه لم يأتِ بكل ما هو مطلوب من الغلال.