جريدة الجرائد

أجلْ إلى هذه الدرجة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

اتصلتْ بي سيدة لبنانية ناشطة في العمل السياسي والاجتماعي، تريد دعوتي إلى &"مؤتمر وطني&" حول &"هوية لبنان&". واعتذرت فوراً قبل الدخول في أي تفاصيل، قائلاً إنني صحافي أعبّر عن مشاعري ومواقفي فيما أكتب، ولست مستعداً أن أستبدل استقلاليتي بأي انضواء، أو جماعة، أو تجمع، أو تكتل، مهما كان قريباً من رؤيتي.

قالت السيدة: لكننا في زمن غير عادي &"والبلد في حاجة إلينا جميعاً&". اعتذرت مجدداً. قالت: على الأقل نريد أن نعرف منك، مع أي لبنان أنت؟ لبناني الفيدرالي؟ &"لبنان الكبير&"؟ أي صيغة؟

قلت للسيدة الكريمة: إنني لا أعذّب نفسي في أمور لا أستطيع فيها شيئاً. أنا مع لبنان الذي أُعطيت وعرفتُ، صغيراً كان أم كبيراً، قابلاً للحياة أم متقلباً دائماً على شفير النهايات. ولست مع الفيدرالية مهما بدا الاختلاف عميقاً والوحدة متباعدة. أنا لست من الذين يعتقدون أن &"الصيغة&" اللبنانية فشلت. الذين فشلوا هم اللبنانيون الذين يكررون اختيار سياسيين لا حدود لرثاثتهم. كثير من هؤلاء بلا أي نوع من درجات الكرامة الفردية والوطنية. ومع ذلك يمشي اللبناني خلفهم بلا لحظة تأمل. وعندما تقع الكارثة يهتفون: فيدرالية أم لبنان الكبير؟

كأنما في إمكان الفيدرالية أن تغيِّر شيئاً من وضاعة السلوك، وعادات البيع والشراء. ماذا سيكون الفرق بين الفيدرالية واللامركزية والمركزية ولبنان الصغير ولبنان الكبير، إذا كان هؤلاء باقين حيث هم، يشرفون بأنفسهم على زوال لبنان الصغير والكبير، ويستكملون بوقاحة لئيمة بقية الصفقات؟!

قالت السيدة الكريمة: إذا كانت الحالة كذلك، ألا تعتقد أنه سبب إضافي، كي يحاول كلٌّ منا شيئاً ما، أي شيء؟ أليس مخجلاً، أن تتفاقم حالة الزوال أمامنا، ونحن لا نفعل شيئاً؟

قلت لها: المؤتمرات ليست شيئاً نفعله. الصور لا تفيد. والناس المجروحة واليائسة، بل الجائعة أحياناً، تنظر إلى بعض هذه الصور من مرتبكين وتتساءل: ألم يَحِنْ يوم الحساب لأحدٍ من هؤلاء؟ ولكن مَن يحاسب مَن؟ الفاسد أم الفاسق أم جامع الآفتين وما زاد عليهما من فجور؟

ما خجلتُ في قوله للسيدة الصادقة أن المرء يجب ألا ييأس في وطنه مهما بلغ به التشاؤم. أنا فقدت كل أمل. كل شيء قابل للإصلاح إلا الفجور. وأتمنى لمؤتمركم النجاح.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف