أجواءٌ طقسية باردة... وحروبٌ ساخنة وانتخابات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
أجواءٌ طقسية شديدة البرودة ألمَّت بنا، جاءت مصاحبة لحلول السنة الميلادية الجديدة 2024، مرفوقة بفيضانات وعواصف، وبهزّة أرضية في اليابان، وانخفاض هائل في درجات الحرارة في البلدان الاسكندنافية، لم يُشهد منذ قرابة نصف قرن. وتقابل ذلك، أجواء سياسية شديدة السخونة، منذرة بالخطورة على السلام الدولي، في بقاع عدة من العالم، خصوصاً مع ازدياد تمدد مساحات التوتر في منطقة الشرق الأوسط؛ نتيجة تداعيات حرب الإبادة التي تشنّها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في غزّة. وتصاعد الغضب الشعبي الدولي ضدها لاستمرارها في قتل المدنيين.
مقتل صالح العاروري مؤخراً في جنوب بيروت، بغارة من طائرتين مسيّرتين، زاد في تصاعد درجات التوتر. مضافاً إلى ذلك، صدور تهديدات أميركية وأوروبية ضد الحوثيين في اليمن؛ نتيجة تهديدهم خطوط الملاحة الدولية في باب المندب، مما أدّى إلى ارتفاع رسوم النقل البحري إلى الضعف، واحتمال توجيه ضربة عسكرية ضد معاقلهم. إلى جانب ازدياد حدّة حرب الاستنزاف المتواصلة بين روسيا وأوكرانيا مؤخراً. والأسوأ من ذلك عودة &"داعش&" إلى سطح الأحداث، خارج حدود بلدان الساحل في أفريقيا، وإعلان حضوره دموياً، من خلال تفجيرَين إرهابيَّين في كرمان، بجنوب إيران، أدّيا إلى مقتل 100 شخص وجرح العشرات. الأمر الذي لا يدعو فقط إلى القلق، بل يؤدي فعلياً إلى ارتفاع دقات القلوب في الصدور خوفاً على مصير السلام والاستقرار الدوليَّين.
اللافت للاهتمام أن كل ذلك حدث ويحدث، ونحن لم ننتهِ بعد من الأسبوع الأول من عام 2024. وهو العام الذي وُصف بكونه &"عام الانتخابات في العالم&"، حيث من المتوقع إجراء انتخابات في نحو 70 بلداً. وأن أكثر من مليارَي ناخب سيتوجهون للإدلاء بأصواتهم في مناطق عديدة من العالم.
في شهر نوفمبر( تشرين الثاني) من هذا العام، يذهب الناخبون الأميركيون إلى صناديق الاقتراع، في واحدة من أشرس معارك الانتخابات الرئاسية التي شهدتها أميركا، لاختيار واحد من مترشحين: الرئيس الحالي جو بايدن، مرشح الديمقراطيين. ومنافسه المحتمل الرئيس السابق دونالد ترمب، مرشح الجمهوريين، في حالة عبوره بنجاح لكل حقول الألغام القانونية المزروعة في طريقه، وهي ليست قليلة.
الانتخابات البريطانية ما زال موعدها في علم الغيب، وتقرير الموعد امتياز يحظى به رئيس الحكومة والحزب الحاكم. وخلال الأسبوع الماضي، صرح رئيس الحكومة ريشي سوناك بأنه يتوقع انعقادها في النصف الثاني من العام. وهذا يعني أنها قد تُعقد في آخر شهر من هذا العام، وربما قبل ذلك بقليل. وكان هناك احتمال بعقدها في شهر مايو (أيار) المقبل، إلا أن تصريح السيد سوناك مؤخراً، قضى على ذلك الاحتمال، على الأقل، مؤقتاً.
العادة جرت، أن الانتخابات النيابية البريطانية تُعقد بعد إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية. نجاح الديمقراطيين في الحفاظ على وجودهم في البيت الأبيض، من المحتمل أن ينعكس إيجابياً على حظوظ حزب &"العمال&" الانتخابية في بريطانيا. وكذلك تداعيات الحال بين الجمهوريين والمحافظين. وفيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية في روسيا والهند، فمن المحتمل عدم حدوث مفاجآت أو تغييرات، واستمرار الأمور على ما هي عليه في البلدين.
عام 2024، يتوقع له المراقبون السياسيون أن يكون عام بروز ونجاح الأحزاب والحركات اليمينية المتطرفة في أوروبا، بعد النجاحات الانتخابية التي حققتها في إيطاليا وألمانيا وفرنسا وهولندا خلال العالم الماضي؛ بسبب تصاعد شعبيتها على حساب أحزاب يمين ويسار الوسط؛ نتيجة استفحال أشكالية ازدياد أعداد المهاجرين غير القانونيين، وفشل الحكومات في إيقاف تدفقهم. وهو أمر، يقول المعلقون، يحمل في طياته تهديداً للاتحاد الأوروبي، خصوصاً أن الانتخابات النيابية للبرلمان الأوروبي ستُعقد خلال الصيف المقبل، والمعلقون يتحدثون عن احتمال خسارة ائتلاف أحزاب يمين الوسط لأغلبيتها البرلمانية، مما قد يهدد باحتمال إزاحة السيدة فون دير لاين من منصبها الرئاسي.
وتبقى مسألة الاستحواذ على الأموال الروسية في المصارف الأوروبية (نحو 300 مليار يورو) محط اهتمام ونقاش، كونها تشكّل سابقة لقواعد مصادرة الأموال والممتلكات في حالة الحرب. وحسب اطلاعي على آراء الخبراء في هذا الشأن، فإن القوانين الدولية لا تسمح بذلك، لأن واشنطن وحلفاءها الغربيين ليسوا في حالة حرب مباشرة مع روسيا، ولا متضررين منها، كما تؤكد اللوائح. وأن الدولة المتضررة هي أوكرانيا، وقامت حكومتها في شهر مايو 2022 بمصادرة ممتلكات روسية في أراضيها تقدّر قيمتها بنحو 880 مليون دولار أميركي. لكن واشنطن أقنعت بروكسل بإمكانية الاستحواذ على تلك الأصول الروسية في المصارف الأوروبية. وتحمّست رئاسة الاتحاد للأمر، فهل تقدم على تلك الخطوة غير المسبوقة، أم تتجاهل الضغوط الأميركية، وتتأنى في الأمر؛ احتراماً لما اتفق عليه من لوائح ونظم، في زمن فقدت فيه القوانين الدولية مصداقيتها؟