أحفاد مانديلا يقاضون الإجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
عرضت &"بي بي سي عربي&" في الآونة الأخيرة، مجموعة من الأفلام الوثائقية القديمة، التي تتناسب مع مناخ الحرب في غزة. وسجّلت في ذلك سابقة ربما للمرة الأولى في 80 عاماً، عندما عرضت وثائقياً باللغة الفرنسية، غير &"مدبلج&" مع أنها قناة بريطانيا. كما أعادت بدء فيلم وثائقي عن مجزرة &"صبرا وشاتيلا&"، التي ارتكبها أرييل شارون وفرقة المقاتلين المسيحيين بقيادة إيلي حبيقة. والأرجح أن الشريط هو الأكثر درامية في كل ما سجل عن المأساة التي كانت الأكثر فظاعة في تاريخ القضية، إلى حين انقضاض نتنياهو وكواسره على غزة.
كان الهدف من الإرهاب والتوحش والتنكيل بالأطفال والأمهات وكبار السن، إحداث ثأرات لا نهاية لها، فالمقاتل الفلسطيني والمدني الأعزل سيّان. وفي نهاية الأمر ترك الإسرائيليون لبنان وهم لا يحملون سوى مسودة اتفاق 17 مايو (أيار) الذي وقّعه القادة المسلمون آنذاك، ورفض توقيعه رئيس الجمهورية الكتائبي أمين الجميل.
منذ نحو شهرين كتبت باحثة أميركية أنَّ الإسرائيليين سوف يخرجون من غزة كما خرجوا من لبنان عام 1982. لا شيء. صحيح أن الدمار والقتل والخراب أكبر بنسبة لا يمكن تخيُّلها، لكنها لن تفيد الإسرائيليين شيئاً. وسوف يبحث نتنياهو عن مكان إلى جانب شارون: اثنان قادمان من الهولوكوست النازي يصنعان الهولوكوست الإسرائيلي.
تبدأ محكمة العدل الدولية، اليوم، النظر في شكوى تقدمت بها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة. تقع الشكوى النبيلة في 84 صفحة مفصلة. ومعروف أن أكثر ما تخشاه إسرائيل هو الإدانات الدولية. وعندما انفجرت سيارة في إيلي حبيقة، قيل إن إسرائيل وراء الاغتيال، لأنه كان على وشك أن يدلي بشهادته عن دور أرييل شارون في مجزرة &"صبرا وشاتيلا&"، أمام محكمة دولية في بلجيكا.
بينما يعلن وزير خارجية جو بايدن أن ما تقوم به إسرائيل في غزة لا يرقى إلى مستوى جرائم الإبادة، وتعلن وزيرة خارجية ألمانيا أن على إسرائيل أن تقوم بعمليات &"أقل حدّة في غزة&"، تتقدم دولة شجاعة مثل جنوب أفريقيا بدعواها ضد إسرائيل متحدية كل الضغوط. ولهذه الدعوى رمزيتها الخاصة، لأن جنوب أفريقيا كانت آخر دول الأبارتايد (الفصل العنصري) في العالم، قبل أن تصبح دولة الإنساني الملهم نيلسون مانديلا، ورمز النهايات المستحقة لدول الظلم والعسف والاضطهاد. مواجهة الاعتداء الإسرائيلي المتصاعد منذ 1948 ليس في الجبهة العسكرية فقط. إنها أيضاً في جبهة القانون، والإنسان، والأعراف البشرية. وعلى إسرائيل أن تتذكر دائماً المجازر التي تركتها خلفها. وعليها أن تتذكر أيضاً أنها قتلت بالرصاص والسم أجرأ من عمل للسلام ياسر عرفات وإسحق رابين.