تحديات الطاقة .. الإقصاء ليس حلا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
ذكرت سابقا أن العلاقة بين شرايين الطاقة ومصادرها المختلفة ليست علاقة تنافسية محضة، ويجب ألا تكون كذلك، بل الأخطر على مستقبل أمن الطاقة العالمي أن ينظر البعض إلى هذا التنافس ويضعه في نطاق المعادلة الصفرية، التي تعني أن يكسب فيها أحد مصادر الطاقة كل شيء مقابل خسارة المصادر الأخرى كل شيء!
في المقابل، هناك من يرى أن العلاقة بين مصادر الطاقة المختلفة، مثل: الطاقة الأحفورية، والطاقة المتجددة بأنواعها، والطاقة النووية وغيرها، هي علاقة تكاملية بحتة، تهدف هذه التكاملية إلى ديمومة هذه المصادر، وذلك بتكثيف التعاون وتركيز الجهود على رفع كفاءة إنتاج واستهلاك جميع مصادر الطاقة دون استثناء.
يمر العالم بتحديات كبيرة تواجه قطاع الطاقة بعضها على المدى القصير، والبعض الآخر على المدى المتوسط والصغير، ولكل من هذه التحديات تعقيداتها وحيثياتها التي تتطلب تحركا سريعا، بل في اعتقادي أن هناك ضرورة ملحة لوضع خطط عاجلة تعالج كل تحد على حدة، حيث إن لكل خطة أدواتها الخاصة المناسبة لها.
الجدير بالذكر أن بعض وسائل الإعلام بأنواعها المختلفة وبعض بيوت الخبرة التي "كانت" تتسم بالحياد، شمرت عن سواعدها وجيشت الجيوش لتعزيز صورة ذهنية غير دقيقة حول قرب نهاية عصر النفط، وأن نجمه آفل لا محالة، وهناك فئة أخرى تشاطرهم الأماني تضع الوقود الأحفوري، وعلى رأسه النفط، في قفص الاتهام، وأنه سبب جميع الكوارث الطبيعية والمناخية في العالم!
أيضا هناك من يدفع بفكرة غير موضوعية كذلك حول إحلال الطاقة المتجددة في أقرب وقت لتخليص العالم من آفة الوقود الأحفوري بحسب زعمهم. الاستغناء عن النفط مبالغة في رأيي غير موضوعية ولا مهنية، والمتابع لهذه الحملات الإعلامية والتقارير من بعض بيوت الخبرة والمنظمات واللجان المختصة في هذا القطاع، يشعر أنها أجندات سياسية واقتصادية تخدم بعض الدول ولا تصب بأي حال من الأحوال في مصلحة أمن الطاقة العالمي.
تباينت الدراسات الاستشرافية حول مصادر الطاقة وحصتها العالمية على المديين القريب والمتوسط، منها المتفائلة والمتحفظة، ومنها الموضوعية المبنية على مدخلات دقيقة انعكست على مخرجاتها، وغير الموضوعية التي تشوه هذا القطاع وتؤثر سلبا في استقراره ومستقبله وسلامة إمداداته. قبيل جائحة كورونا توقعت بعض الجهات العالمية المختصة أن النفط سيبقى متربعا على عرش صدارة مصادر الطاقة العالمية 2040 بنسبة 27 في المائة، ويأتي بعده الغاز الطبيعي 25 في المائة، بينما ستحتل الطاقة المتجددة المرتبة الثالثة كمصدر للطاقة في 2040 بنسبة قد تصل إلى 23 في المائة، ومن ثم الفحم الطبيعي بما يقارب 20 في المائة، وأخيرا الطاقة النووية 5 في المائة.
الأرقام تدل على أن النفط سيبقى المصدر الأول للطاقة في العالم، ويجب التذكير أنه ليس حكرا على توليد الطاقة فقط، فله استخدامات وتطبيقات كثيرة جدا لا يتسع المقال لذكرها. جل المواد المستخدمة في صناعة السيارات الكهربائية ومحطات تزويدها بالكهرباء، والخلايا الكهروضوئية المستخدمة في محطات الطاقة الشمسية، جل هذه المواد من مشتقات النفط الذي يتباشر البعض بانتهاء عصره! فما الذي تغير في أعوام قليلة في مدخلات هذه الدراسات؟ فالذي أراه أن هذه الجهات تهدم إرثها بأيديها، وتنسف موثوقيتها وحيادها في زمن قياسي وبطيش غير مبرر!