جريدة الجرائد

تنافسٌ بين الإنسان والآلة!

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

دخلت بعض تقنيات الذكاء الاصطناعي مجال الإبداع الفني والأدبي والفكري من أوسع أبوابه. وأصبح ممكناً استخدام هذه التقنيات في تشكيل لوحة، أو إنتاج أغنية، أو كتابة نص كامل بدءاً من مقالٍ صغير إلى بحثٍ كبير أو سيناريو لعملٍ درامي. وليست هذه إلا بدايةً لها ما بعدها. ومن الطبيعي، في سياق هذا التطور الذي لم يكن مُتصوراً قبل سنوات، أن يُسأل في بعض الحالات عما إذا كان عملٌ إبداعيٌ أو آخر من صُنع إنسانٍ أم من إنتاج روبوت مُصمَّم ليكتسب قدرةً على التعلم الذاتي فيما يُسمى الذكاء الاصطناعي التوليدي. وليس مستبعداً، بل يجوز توقع، أن يُثار هذا السؤال في مسابقاتٍ تُنظَّم لاختيار أفضل عملِ أو أعمالٍ في مجالاتٍ إبداعية مختلفة.
وربما لا يمضي وقتٌ طويل حتى يطلب منظِّمو هذه المسابقات من المتنافسين فيها أن يُفصحوا عن استعانتهم بالذكاء الاصطناعي من عدمه، وطريقة استخدامه. وسيكون في مصلحة المتنافس أن يُفصح عن ذلك من تلقاء نفسه. وقد بُدئ في ابتكار تقنياتٍ ذكية لتحديد ما إذا كان العمل اعتمد على الذكاء الاصطناعي، أم أنه بكامله من صنع الذكاء البشري. وقد شرع كُتاَّبٌ وفنانون في الإفصاح فعلاً عن استعانتهم بالذكاء الاصطناعي، وفي أي حدودٍ استخدموه بغض النظر عن تقديم أعمالهم للمنافسة في مسابقاتٍ من عدمه. ونجدُ الآن في دورياتٍ وفصلياتٍ عدةَ مقالاتٍ أو دراساتٍ يضع كاتبوها أسماءَهم عليها مصحوبةً بإشارةٍ إلى استعانتهم بالذكاء الاصطناعي. وقل مثل ذلك عن أغانٍ بُثت في موقع يوتيوب في الأشهر الأخيرة.
وربما نجدُ بعد سنواتٍ أن عدد المتنافسين في مسابقةٍ أو أخرى يفوقُ فعلياً عدد المُبدعين الذين قدموا الأعمال، إذا كان بينهم من استعانوا بالذكاء الاصطناعي. وقد يُصبحُ مطلوباً من لجان التحكيم أن تُحدِّد هل المُبدع البشري قام بالدور الأهم أم &"المُبدع&" الآلي. ومن الطبيعي أن يتفاوت دورُ المُبدع البشري من عملٍ إلى آخر. قد يقتصر دوره على تحديد طبيعة العمل ومعالمه الأساسية. وربما يتوسع هذا الدور ليشمل إدخال تعديلاتٍ متفاوتة على العمل الذي أنتجه بالاعتماد على تقنيةٍ ذكيةٍ أو أخرى. وقد يرتبط التفاوت بطبيعة العمل، فيزداد مثلاً في حالة الاستعانة بالذكاء الاصطناعي لإنتاج لوحة، إذ يكون على الفنان أن يجري تعديلاً مهماً فيها سواء في الألوان أو في التكوين. وربما يقترن دور المُبدع البشري، زيادةً أو نقصاناً، بمدى اهتمامه بتجويد العمل وحرصه على اسمه.
وهكذا يمكن توقع أن يُطرح سؤالٌ جديدٌ نوعياً على لجان التحكيم في مسابقاتٍ إبداعية هو: مَن يستحق الجائزة: المُبدع البشري أم الآلي أم كليهما؟ والجوابُ الأسهل في البداية هو منحها لهما معاً. لكن سيكون ضرورياً بعد ذلك تحديد هل الإنسان قام بالدور الأكبر أم الآلة. ألن يكون هذا نوعاً من التنافس بينهما؟

*مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف