جريدة الجرائد

«بيتكوين» إلى 1.5 مليون دولار؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

التوقعات بشأن وصول سعر بيتكوين إلى 1.5 مليون دولار بحلول 2030 جاء من أحد أبرز مديري الصناديق الاستثمارية، وهي السيدة التي حصلت على رخصة من هيئة الأسواق والأوراق المالية الأمريكية الأسبوع الماضي لطرح صندوق متداول مفتوح خاص بعملة بيتكوين. وهناك عشرة صناديق أخرى حصلت على الرخصة ذاتها، من بينها مؤسسات مالية كبرى بحجم "بلاك روك" و"فيديلتي"، وبغياب أحد أكبر مديري الأصول في العالم، شركة فان جارد. وعلى الرغم من تفاوت الآراء حول مستقبل سعر العملة المشفرة إلا أن التوقعات تشير إلى ارتفاع سعر بيتكوين من نحو 42 ألف دولار حاليا إلى 500 ألف دولار وأكثر خلال الأعوام الستة المقبلة. أين الحقيقة في ذلك؟ وهل ذلك مجرد توقعات عشوائية أم مجرد أمنيات مصدرها أصحاب مصالح؟

الجواب المباشر ألا أحد يعلم بالطبع، وهناك بالمقابل كثير من المشككين، كما أن رئيس هيئة الأسواق الأمريكية أكد في بيان تزامن مع إعلان السماح بطرح الصناديق المتداولة أن ذلك لا يعني أن الهيئة تؤيد العملة المشفرة هذه ولا غيرها، وهذا الرئيس بالطبع كان ولا يزال من المحذرين من التعامل بالعملات المشفرة وحاول بشتى الطرق الوقوف في طريق السماح بطرح الصناديق المتداولة المفتوحة، إلى أن أعلن استسلامه الأسبوع الماضي. لذا دعونا ننظر إلى ما الذي تغير على ساحة تداول بيتكوين عقب هذا القرار التاريخي، وهل له تأثير في المتداولين والإقبال على بيتكوين في الفترات المقبلة.

أهمية قرار هيئة الأسواق الأمريكية تكمن في السماح بالصناديق المتداولة المفتوحة، ما تعرف بالمختصرETF، وليس في مجرد إمكانية تداول بيتكوين عن طريق الأسواق المالية، فهذا أمر حاصل منذ عدة أعوام وبموافقة الهيئة ذاتها، فما الفرق في ذلك، وما الميزة في كون الصناديق الجديدة متداولة ومفتوحة في آن واحد؟

بداية، يجب الانتباه إلى أنه ينظر إلى بيتكوين كأداة استثمارية وليس كعملة تجارية، كما يبدو من اسمها، حيث إن مصدر الاهتمام الحالي بها ينجم من كونها أداة استثمار، كالأسهم والعقار والذهب والسندات وغيرها، وليست كعملة مثل الدولار واليورو والريال، ولهذا السبب لم تكن هناك صعوبة بالغة في إنشاء صناديق متداولة "مغلقة" في أوقات سابقة، ولا أي صعوبة في إنشاء عقود مستقبلية لهذه العملة، التحدي الكبير نشأ حين بدأت المطالبات بإنشاء صناديق متداولة مفتوحة، أو ETF، فما الفرق بين الصناديق المتداولة المغلقة لبيتكوين، وهي صناديق موجودة منذ عدة أعوام، والصناديق المتداولة المفتوحة التي تم السماح لها الأسبوع الماضي؟

في وقت سابق كان بوسع أي مؤسسة مالية أن تطرح للتداول صندوقا مغلقا بحيث تقوم بشراء عملة بيتكوين نيابة عن المستثمرين ويستفيد المستثمرون من تحركات بيتكوين نتيجة امتلاكهم لأسهم الصندوق، وبالتالي فهي طريقة سلسة وسريعة للتعرض لتحركات العملة دون الحاجة إلى التعامل مع منصات العملات ولا إلى معرفة كيفية حفظ مفاتيح التشفير الخاصة بالعملة ولا غيرها من احترازات، إضافة إلى سهولة بيع وشراء وحدات الصندوق تماما كالأسهم. لكن المشكلة الرئيسة في ذلك أن سعر سهم الصندوق معرض لشطحات صعود وهبوط قد لا تتماشى بالضرورة مع حركة بيتكوين، وهذه المشكلة موجودة في جميع الصناديق المتداولة المغلقة، التي لدينا في المملكة بعض منها، مثل الصناديق العقارية "الريتات" أو صندوق الخبير للنمو والدخل، فما المشكلة في هذه الصناديق؟

لكي يكون الصندوق متداولا ومفتوحا، كما حدث لصناديق بيتكوين الجديدة، فيجب أن يكون هناك آلية تتيح للمستثمرين استبدال أسهم الصندوق بالأصول التي يملكها الصندوق، فمثلا في صناديق "الريت" لا يمكن القيام بعملية الاستبدال لأن أصول الصندوق ممتلكات عقارية لا يمكن تجزئتها وتسليمها لمن يرغب في ذلك، ولا يمكن لصندوق الخبير تسليم بعض من الأسهم الدولية التي لديه في حال قرر أحد الملاك استبدالها بأسهم الصندوق أو العكس. أما في حال كانت الأصول التي يستثمر بها الصندوق أصولا متداولة ولها أسعار فورية متاحة فبالإمكان جعل الصندوق مفتوحا والسماح للمستثمرين، بشروط معينة، استبدال أسهمهم مقابل الحصول على أصول الصندوق وكذلك القيام بعكس ذلك، أي تسليم الصندوق بعض الأصول والحصول على أسهم الصندوق.

مثلا في صندوق الذهب المتداول، سواء الأمريكي أو السعودي، يمكن للمستثمرين المؤهلين ممارسة عملية استبدال وحدات الصندوق بالحصول على الذهب نفسه، وبإمكانهم تسليم الصندوق قوالب ذهب والحصول على أسهم الصندوق، وفي حال كانت أصول الصندوق أوراقا مالية متداولة فتكون عملية الاستبدال أبسط بكثير، كما يتم في صناديق "يقين" والبلاد المتداولة لدينا في المملكة. لذا من الواضح أن إنشاء صندوق متداول مفتوح لبيتكوين كان أمرا ممكنا جدا بحكم أن بيتكوين لديها سوق فورية ومتداولة، فيصبح من السهولة بمكان استبدال أسهم الصندوق بالعملة أو تسليم بيتكوين للصندوق والحصول على أسهم الصندوق في أي وقت من الأوقات. بالطبع الهدف من عمليات الاستبدال هذه هي أنها عمليات مالية خالية من المخاطرة لمن يمارسها وعن طريقها يبقى سعر الصندوق قريبا جدا لسعر بيتكوين، الأمر الذي لا يمكن القيام به في حالة الصناديق المغلقة.

لكن ما الفائدة الحقيقية لبيتكوين في ظل كون صناديقها متداولة ومفتوحة؟ الفائدة الكبيرة، وهي التي رفعت سقف التوقعات بشأن سعر العملة، أن الصناديق المفتوحة تجذب كبار المستثمرين من مؤسسات وأفراد وترفع من موثوقية التعامل بالعملة وتساعد في ضبط سعر العملة نتيجة دخول مستثمرين كبار على المدى الطويل، إضافة إلى دخول مؤسسات مالية كبيرة في مجال عمل هذه الصناديق، مثل "بلاك روك" و"فيديليتي"، كذلك من الممكن أن يتم تداول هذه الصناديق من خلال البورصات الكبرى، مثل سوق نيويورك، وليس فقط من خلال أسواق خارج المنصة كما هو حاصل حاليا.

قد تكون التوقعات بشأن سعر بيتكوين متطرفة أو حتى خرافية، لكن الأمر المؤكد أن إطلاق الصناديق المتداولة المفتوحة تعد خطوة كبيرة ومؤثرة ومفيدة للاستثمار في بيتكوين، وستجعل من عملية تداول بيتكوين أمرا متاحا لشرائح عديدة من المستثمرين، علاوة على تنامي الاعتقاد بأن تضمين بيتكوين في المحافظ الاستثمارية يعين في تنويع الاستثمار والتحكم بالمخاطر المالية للمستثمرين.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف