انتخابات أميركا: ترامب ينافس نفسه؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
أثبتت نتائج الانتخابات التمهيدية في ولاية أيوا لاختيار المرشّح الجمهوري للرئاسة الأميركية صحّة جميع الاستطلاعات التي تشير إلى إمساك الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بالقاعدة الشعبية للحزب الجمهوري، على الرغم من كلّ المشاكل القضائية التي يواجهها.
نسبة الفوز الكبيرة في ولاية أيوا التي حقّقها ترامب لا توحي بوجود انقسام حادّ في صفوف الحزب الجمهوري، إنّما الانقسام الحادّ هو على المستوى الوطني، حيث تشير الاستطلاعات إلى تعادل بين ترامب والرئيس الحالي جو بايدن، الذي لا يواجه تحدّياً من قبل حزبه جرياً على تقليد أن لا أحد من الحزب يتحدّى رئيساً أثناء فترة رئاسته.
لا يوجد حماسة في الانتخابات التمهيدية للجمهوريين وكأنّ الجميع استسلم لخيار ترامب، خصوصاً بعد انتخابات أيوا التي شهدت مشاركة ضعيفة من الناخبين الجمهوريين، لكنّ السبب هو عدم وجود معركة "جدّية" داخل الحزب، بالنسبة إلى الناخبين.
نيوهامبشاير... آخر المعارك؟
انتخابات ولاية نيوهامبشاير قد تكون الأمل الوحيد الباقي للمرشّحين الجمهوريين لإثبات أنّ هناك منافساً جدّيّاً في وجه ترامب. حاكم ولاية فلوريدا دي سانتيس الذي كان لفترة المرشّح الجدّي الوحيد الذي يمكن أن يكون البديل لترامب، فشلت حملته الانتخابية حتى الآن في البناء على شعبيّته في فلوريدا واستمالة الجمهوريين في الولايات الأخرى. وهناك من بدأ يتحدّث عن أنّ دي سانتيس يحضّر نفسه للانتخابات المقبلة، وبدأ يفكّر بالانسحاب من هذه المعركة. هذا ما يفسّر تصريحاته المؤيّدة لترامب ومحاولة استمالته وعدم استفزاز قاعدة ترامب الواسعة بين الجمهوريين.
أمّا المرشّحة نيكي هيلي، التي خدمت في إدارة ترامب، فهي تسعى إلى تحقيق إنجاز في ولاية نيوهامبشاير، المحطّة الثانية في الانتخابات التمهيدية، وهو ما قد يؤدّي إلى إعطائها زخماً معنوياً يمكن أن يترجم تدفّقاً في الدعم المادّي لحملتها من مموّلي الحزب الجمهوري.
تأييد حاكم ولاية نيوهامبشاير كريس سنونو لهيلي أعطاها أملاً بإمكانية تحقيق نتيجة مرتفعة في الولاية، وهو ما سيطلق منافسة جدّية بوجه ترامب. هذا السيناريو دفع ترامب لشنّ حملة تهشيم لهيلي معتمداً على أسلوبه التقليدي بالاستهزاء بها شخصياً والتهكّم على اسمها الهندي الأصل والتذكير بأنّها من أصول هندية. كما بدأت مصادره تستبعد أن يختارها مرشّحة لمنصب نائبة الرئيس حين يفوز بالترشيح الجمهوري.
ترامب والمعارك "الشخصيّة"
لا تزال الانتخابات الأميركية تشهد تسجيل سوابق بسبب ترامب واحتمال أن تتمّ إدانته في واحدة من القضايا القانونية التي يواجهها.
أسلوب ترامب في الحملات الانتخابية لم يتبدّل عن السابق، فهو يهتمّ بالأمور الشخصية ولا يتوانى عن إطلاق اتّهامات غير صحيحة بحقّ منافسيه.
إنّها انتخابات لا يوجد فيها انقسام حول القضايا التي تهمّ الناخب، إنّما تهجّمات شخصية واهتمام بشخص ترامب وتصرّفاته الشخصية وتحدّيه للقانون.
تعاني وسائل الإعلام التقليدية من كيفية تغطية أخباره. توجد رغبة في تجنّب الوقوع بفخّ ترامب بفرض نفسه وإجبار وسائل الإعلام على إيلائه مساحة تغطية كبيرة كما حصل في الانتخابات التي خاضها ضدّ هيلاري كلينتون.
بعض خبراء الإعلام والانتخابات يقولون إنّ الاهتمام الزائد بأخبار ترامب أعطته تواصلاً كبيراً مع الناخبين وسمحت له بأن يفرض أجندته وأسلوبه. لكنّ هذه الوسائل لا تستطيع أن تتجاهل أخباره، وتحديداً محاكمته، وقد تلجأ إلى التخفيف من تغطية نشاطاته الانتخابية لتحقيق التوازن حتى لا يكون مسيطراً على التغطيات الإخبارية.
ترامب يقلّد كليفلاند؟
حتى الآن يبدو أنّ الحزب الجمهوري لا يزال موحّداً خلف ترامب، لكنّ الشعب الأميركي منقسم بشكل حادّ. بينما الاستراتيجية الديمقراطية مبنيّة على تخويف الناخب الأميركي من إعادة انتخابه وما قد يكون لذلك من انعكاسات سلبية على الديمقراطية الأميركية، وكأنّ الانتخابات المقبلة هي استفتاء على شخص ترامب وليس مقارنته بالرئيس الحالي جو بايدن الذي يعاني من تدنٍّ كبير بنسبة تأييد الأميركيين له، ولا يُعتبر رئيساً شعبياً.
أمّا تراجع شعبية بايدن في الاستطلاعات، فقد دفعت بعض الديمقراطيين للقول إنّ فوز ترامب بالترشّح عن الجمهوريين أفضل نتيجة لإعادة انتخاب بايدن، وأنّ أيّ مرشّح آخر كان ليهزم بايدن.
التاريخ ليس لمصلحة ترامب. هناك رئيس أميركي واحد بعد نهاية الحرب الأهلية فاز في الانتخابات مرّتين، وهو ما يسعى ترامب إلى تحقيقه، وهو الرئيس الديمقراطي غروفر كليفلاند، الذي اُنتخب أول مرّة عام 1885 لفترة واحدة وعادة ليفوز عام 1893.
لا توجد حماسة من الناخبين، ومعظم الاستطلاعات تشير إلى رغبتهم بأن يكون هناك مرشّحان غير ترامب وبايدن في هذه الانتخابات، لكن من المؤكّد أنّها ستكون الأكثر انقساماً.