جريدة الجرائد

الأونروا

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

إسرائيل تقتنص كل الفرص لتنال من الفلسطينيين عبر كل الوسائل المتاحة والمبتكرة، وبمجرد أن تشك هذه الدولة، مجرد ذرة شك، في وجود ما يلحق الضرر بمصالحها وترى فيه بارقة أمل تعين الفلسطينيين ليتغلبوا على متاعبهم التي هي من صنع الاحتلال ورعاته الأمريكيين والأوروبيين ومن دار في فلك حلف الناتو، تتسابق دول الغرب إلى تعزيز هذا الشك وتحوله في غمضة عين إلى حقيقة ينبغي أن تتكاتف الدول وتتعاضد لتقديم ما يرضي الدولة الإسرائيلية ويعزز من سطوتها بغض النظر عما يترتب عن هذا الشك من أضرار على الأطراف الأخرى. هذا هو موقف الدول الغربية عمومًا منذ نشّأت الاحتلال الصهيوني ورعته ونمته وحمته حتى اليوم. فهل يأتي اليوم الذي تتغير فيه المواقف؟ لا أظن في وجود تغيير سيطرأ على المشهد في القريب العاجل، فكل المؤشرات تنبئ بثبات المواقف الداعمة لسلطات الاحتلال الصهيوني مهما أتت من شنيع الأفعال.

هذا ما حدث منذ أيام قليلة بخصوص وكالة &"الأونروا&" (وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى) التي ادعت إسرائيل شكًّا وزعمت ظنًّا أن من ضمن المشاركين في هجوم السابع من أكتوبر الذي شنته حركة &"حماس&" بعض ممن يعملون في هذه المؤسسة الأممية، حيث أعلنت، في عجلة من أمرها، وقبل أن تتحقق من صدق الدعاوى وأن تنتظر نتائج التحقيق في صدق اتهاماتها وادعاءاتها، كل من الولايات المتحدة وكندا، ولتلحقها فيما بعد أستراليا وفنلندا وهولندا وسويسرا وفرنسا، والحبل على الجرار، بوقف الدعم أو تجميده أو تعليقه، عن هذه المنظمة. علمًا بأن الفلسطينيين يقولون بأن الدعم الحالي لا يكفي لأكثر من 7% من الفلسطينيين المحتاجين في قطاع غزة. أيام غبراء تنتظر الشعب الفلسطيني، ليس في القطاع فحسب، وإنما في عموم الإقليم الذي تغطي وكالة الأونروا فيه مخيمات اللاجئين.

من المعروف أن الأونروا (UNRWA) تأسست بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1949 ولديها تفويض إنساني وتنموي بتقديم الدعم والحماية وكسب التأييد للاجئين الفلسطينيين المسجلين لديها في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة، إلى أن يتم إيجاد حل لمعاناتهم، وعملها يمتد حتى اليوم لأكثر من 72 عامًا. الأونروا ردت على الادعاءات والمزاعم الإسرائيلية بمشاركة أعضاء منها في هجوم حماس على إسرائيل، بإنهاء عقود الموظفين المعنيين ووعدت بإجراء تحقيق شامل واتخاذ ما يلزم من الإجراءات القانونية في حال ثبت ذلك، لكن ذلك لا يعني شيئًا لإسرائيل التي تلتزم بالسردية التي روجتها تأكيدًا لمصداقية مواقفها، وتتصرف وهي حاملة لهويتين مختلفتين ظاهرًا متكاملتين باطنًا فهي في أن القاضي الذي لا تُرد أحكامه، والجلاد الذي لم يجد حد الساعة من يحاسبه وإن بتشريعات القوانين الدولية.

العجيب أن حركة &"حماس&" نفسها في علاقتها بالأنروا تتقمص الدور الإسرائيلي وتحاكيه بعناية من خلال ما تكيله من شتائم واتهامات للوكالة! الأونروا تقوم بعمل إنساني جليل ولكنها تتعرض لضغوط في محاولة للتأثير في عملها لجعل هذا العمل انتقائيا، أي بتوجيه عملها إلى ما به يتم تقسيم المجتمع الفلسطيني إلى إرهابيين وغير إرهابيين وفقًا لمنطق لا متحكم فيه إلا الكيان الصهيوني بما يبثه من أخبار وما يروجه من تهم هي في جوهرها توجيه للرأي العام الدولي لعله يقتنع بفكرة تحويل الضحية إلى جلاد وانقلاب الجلاد إلى ضحية، فهل ينجح الضاغطون الغربيون فيما هم يسعون إليه؟

احتمال نجاحهم في مساعيهم وارد، هذه هي إجابتي على السؤال السالف، خصوصًا في توجيه عمل الوكالة في قطاع غزة التي يقطنها أكثر من مليوني فلسطيني والتي ينبغي أن نُذكر أنه رهينة لحماس منذ تمرد حماس على السلطة الفلسطينية في 2005 وانفرادها بإدارة شؤون قطاع غزة. وفي ظني أن جهود الدول العربية المعتدلة ينبغي أن تصب في العمل على استمرارية عمل الوكالة وإقناع الدول المانحة باستمرار دعمها من دون الالتفات إلى &"حماس&"، لأن الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة يعيش تحت نير إرهابيْن: إرهاب &"حماس&" وإرهاب قوة الاحتلال الصهيوني الغاشم.

توقّف الأنشطة التنموية لوكالة &"الأنوروا&" يعني حرمان المخيمات الفلسطينية من التعليم والرعاية الصحية، وهذا يعني أيضًا أن المستقبل في هذه الرقعة من الأراضي الفلسطينية قاتم ينذر بتفشي الأمراض والأمية في وسط فلسطيني أنهتكه الحروب والنزاعات. وعلينا فحسب أن نُذكر في هذا الإطار أن دور &"الأنوروا&" لا يقتصر فقط على الصحة والتعليم، بل يمتد عملها إلى توفير الإغاثة، وتقديم &"الخدمات والدعم، والاستجابة الطارئة بما في ذلك في أوقات النزاع المسلح&"، كما هو حاصل اليوم في غزة نفسها، حيث الناس في أمس الحاجة إلى المساعدة لمواجهة القصف الإسرائيلي الوحشي الذي يُودي بأرواح المئات في اليوم الواحد.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف