البحث عن حل ينقذ إسرائيل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
ما يجري الآن على ساحة الشرق الأوسط؛ هو البحث عن حل ينقذ إسرائيل من الفلسطينيين وليس العكس. قتلت إسرائيل ما يقرب من ثلاثين ألف فلسطيني في غزة والضفة الغربية، وجرحت عشرات الآلاف من الفلسطينيين، ودمرت مدن قطاع غزة، وشردت أهلها وجوعتهم. ومضى أكثر من مائة يوم من المعارك داخل القطاع، ولا تزال (حماس) قادرة على الصمود والحفاظ على جزء لا يستهان به من قدراتها القتالية، والتصدي للجيش الإسرائيلي، وإنزال الضربات بجنوده ومعداته.
إسرائيل، وعدت يهود العالم عند تأسيسها عام 1948 بتوفير ملجأ آمن لهم، وحمايتهم، وإعطائهم الشعور بالأمن والطمأنينة، وعوضاً عن التعامل مع الفلسطينيين بعدل، فإنها تعاملت معهم بعنجهية، وطبقت سياسات استيطانية، ومارست سلطتها بعدوانية فظة، وتنمرت لا عليهم فحسب، بل بنفس الأسلوب في علاقاتها مع جيرانها العرب. فكان أن تكرر انتفاض الفلسطيني على الظلم الذي تعرض له أكثر من مرة، وكان آخرها &"انتفاضة الأقصى&" وما تلاها، مما جعل بعض الإسرائيليين يتساءلون عن مدى قدرة كيانهم على الاستمرار والصمود، خاصة أن حلفاءهم في الغرب أصبح من المشكوك فيه أن يهبّوا لحمايتهم كلما تعرض الكيان الإسرائيلي للخطر.
ما جرى ويجري في غزة الآن؛ وقبلها في سائر فلسطين، كان ردة فعل للغطرسة الإسرائيلية. وفي نفس الوقت عجز أمني كبير، ومن الصعب أن يستعيد الجيش الإسرائيلي وأجهزة الأمن المختلفة هيبتها أمام مواطنيهم في وقت قريب؛ إن واصلوا حرب الإبادة التي يمارسونها ضد الفلسطينيين، وواصل قادة اليمين فيهم التعبير عن أيدولوجيتهم المتطرفة؛ بالدعوة إلى تهجير الفلسطينيين، أي &"التطهير العرقي&"، وإرغامهم للخروج إلى صحراء سيناء، وإلى الضفة الشرقية من نهر الأردن.
محكمة العدل الدولية أقرت في السادس والعشرين من الشهر الماضي (يناير)؛ بأن &"الأدلة التي قدمتها جنوب إفريقيا، والتي تؤكد ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، متماسكة قانونياً ومقبولة منطقياً&". مما يعتبر إدانة أولية لإسرائيل. ولا شك أن الرأي العام العالمي أصبح يميل إلى إدانة التصرفات الإسرائيلية، ويجعل من الصعب على دول كثيرة التعامل مع الكيان الإسرائيلي ما لم تقم دولة فلسطينية تقرر عن الفلسطيني ما يصلح له، وأن لا تقوم إسرائيل أو غيرها بالتصرف بحياته ومستقبله.
قالت صحيفة (يديعوت أحرونوت) الإسرائيلية نهاية الأسبوع الماضي، إن إسرائيل تتوقع رد حماس على (اتفاق الهدنة) يوم الأحد (منذ يومين)، إلا أن التفاصيل التي نُشرت في أكثر من موقع إعلامي لا تُبشِّر بحلٍ قريب، حتى وإن وافق نتنياهو على الاتفاق. تقول التفاصيل إن هناك دعوة لمغادرة قادة (حماس) العسكريين وكبار قادة القطاع الآخرين لغزة إلى (منفى) اختياري في دولةٍ عربيةٍ ما، وأن يتم منع أي نشاط سياسي أو غيره للحركة داخل القطاع، وأن تُشكَّل إدارة (قد تشارك فيها دول عربية أيضاً) لإدارة القطاع خلال فترة انتقالية تنتهي بإعلان الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة على الخطوط العريضة لاتفاق أوسلو معدلاً، وبالتالي فإنه ليس من الواضح ما إذا كان نتنياهو سيُوافق على قيام دولة فلسطين، أو أن يوافق قادة حماس على مغادرة غزة.
تصرفات اليمين الإسرائيلي عقَّدت الوضع، وعلى السلطة اليمينية الحاكمة أن تبحث عن حلول للفلسطينيين، قبل الحديث عن استكمال تطبيع إسرائيلي مع جيرانها العرب.