المبدل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
- مع بداية المرحلة المتوسطة انتقلت بي الحياة من بيئة بسيطة أعرف كل كلماتها ومفرداتها لانني تشربتها منذ الطفولة في الحارة وأثناء اللعب مع الأقران ثم في المدرسة بعدها انتقلت للحياة تبعاً لبعض الظروف الأسرية إلى العيش في بيئة مغايرة، وفي الحقيقة كنت افهم الكلام في البيئة الجديدة لانه الكلام الذي تستخدمه الأسرة في البيئة الأولى وبقيت بعض الكلمات، والمصطلحات، والتعابير التي تحتاج إلى توضيح وكنت أخشى أن أكثر السؤال عن مقصود بعض العبارات لان هناك من يوبخ قبل أن يبين ويوضح.
- من الكلمات التي حسبت أنها جديدة على مسامعي كلمة &"المبدل&" والتفكيك الحرفي للمعنى هو شيء مستبدل بشيء هذا واضح لكن لم يخطر ببالي أن المقصود هو أن الشخص كان في هيئة حسنة، أو مقبولة وحدث ما بدله إلى هيئة سيئة وربما قبيحة، استمعت إلى هذه العبارة كثيراً وكان البعض يطلقونها على بعض الأشخاص في مناسبات يطرأ عليهم بعض التغيير الشكلي مثل أن يغير أحدهم في قصة شعره.
- تذكرت كل ذلك، وكل تلك المعاني، والصور وأنا مثل غيري من ملايين مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في العالم العربي نتابع، ونستمع للكلمات الصادمة، والصامدة جداً من سيدة تعبر من الوجوه التلفزيونية في الوطن العربي، أنفقت عشرات الآلاف من الدولارات لكي تحسن من شكلها، وتغير من هيئتها التي تغيرت التغير الطبيعي الذي يطبعه الزمن على كل الوجوه، السيدة المنكوبة كانت تريد مسح بعض آثار أصابع الزمن فحصلت على حالة جديدة لاتشبه الماضي، إلى شيئ جديد يستحق بجدارة لفظ المبدل.
- تذكرت صور قديمة وقارنتها ببعض الصور الجديدة ولاحظت فعلاً أن هناك فرق لكنه فرق متدرج فرق فرضه الله كأحد سنن هذه الحياة، واعتقد أن عملية التدرج في تغيير أشكال الناس من حال إلى حال هي البلسم الذي يجعلنا نقبل اشكالنا بالتغير التدريجي الذي نهضمه في صورنا مع الأيام، لكن الفاجعة هو ذلك التغير المفاجئ الصادم والذي يحرق مرحلة القبول التدريجي للتغير، الموقف الذي قد يجعلنا نتعاطف مع تلك السيدة المنكوبة اعترافها بأنها تبدلت، وتشوهت، واللي كان، كان، وهي تعترف أمام الكميرات بأنها لن تعود يوماً كما كانت، بعبارة أخرى تعترف بأنها تبدلت ولن تعود إلى نفسها.