جريدة الجرائد

وفي الليلة الظلماء يفتقد لبنان

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

المشهد السياسي اليوم، يعكس ضعف الحراك في الملف اللبناني، بل إن الاجتماعات الدولية لدعم وإعادة إعمار لبنان قد توقفت منذ سنوات نظراً لعجز الحكومة اللبنانية على الوفاء بالالتزامات التي وعدت بها، وربما نستطيع القول بأن غالبية السياسيين لا يرون أفقاً واضحاً للخروج من الأزمة وإعادة بناء الدولة اللبنانية، سياسياً واقتصادياً، في المدى المنظور.

ومنذ سنوات منعت دول خليجية عدة، مواطنيها من السفر إلى لبنان، وأن تمنع مواطنيك من السفر إلى بلد ما، فأنت تقول لهم ليس من مصلحتكم السفر إلى هناك، والدولة التي تحاولون السفر إليها لا تستطيع حماية مواطنيها، فكيف ستكون قادرة على حمايتكم!

اليوم، حنين اللبنانيين المغتربين في كل القارات وزياراتهم وحوالاتهم المالية إلى أهلهم هي بمثابة شريان الحياة للشعب اللبناني الذي اختار أو اضطر للبقاء في بلاده، ولكن هل ستبقى نفس الصلة بين أجيال الشباب اللبناني الذي ولد وتعلم ونشأ في مدن حول العالم مع بلده الأم، بذات مستوى ارتباط آبائهم وأمهاتهم ببلدهم في السنوات القادمة؟

عندما نتحدث مع أصدقائنا اللبنانيين فغالباً ما يأتي سؤال يلفه ضباب الحيرة، لأننا نسأل: "أنتم كلبنانيين ناجحون وطموحون ومساهمون في نجاح تجارب دول أخرى ذات نماذج سياسية واقتصادية مختلفة، ولكنكم عاجزون عن فعل ذلك في لبنان؟"

ستصلك إجابات كثيرة، على سبيل المثال وليس الحصر، غياب الإرادة السياسية والتدخلات الخارجية والمحاصصة الطائفية والموقع الجغرافي والكثير أيضاً.. وستستمع إلى سرد الأسباب بتفاصيل أكثر في كل مرة، ولكن عندما يتكرر ذكر الأسباب وغياب إرادة التغيير أو محاولة المساهمة في إيجاد الحلول فإن الأسباب تصبح أعذاراً، ومن المحزن ألا يستطيع أي شعب إنقاذ بلده.

صديق لبناني خمسيني قال لي "أجمل ما في لبنان ماضيه، وأنا لا أحب أن تتشكل صورة لبنان في مخيلة أبنائي على ما يرونه في حاضر لبنان".

ولكي يخفف من كآبة اللحظة أمسك صديقنا بريموت كنترول التلفزيون وانتقل من القناة الإخبارية التي كانت تبث خبراً جديداً غير سار من لبنان إلى قناة موسيقي عربية قديمة، وابتسمت أساريره ورفع صوت التلفزيون ليغنى مع الفنان الكبير وديع الصافي:
زرعنا تلالك يا بلادي
زرعناها قلوب
ونشرنا الجو الهادي
ع دروب دروب

ثم انتقل بخفة من الغناء إلى الدبكة على مقطع آخر من الأغنية:
خضرا وراح تبقي خضرا
يا أحلى مروج
راح تبقي خضرا خضرا
والعطر يموج

وفي ذروة دبكته رفع ذراعه إلى السماء ضارباً برجله الأرض، ربما كان يتخيل بأنه يحمل سيفاً مردداً مع وديع:
ترابك مرجان
محروس ومنصان

انتزعت الريموت كنترول من يده وأوقفت الموسيقى فجأة وسألته: "متأكد أنه محروس ومنصان؟"، ليرد قائلاً: "نزعت النا السهرة".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف