رمضان.. أهلاً
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أجواء يعيشها السعوديون كغيرهم من الشعوب الإسلامية في شهر رمضان، تزدان بالكرم والعطاء والقيم السمحة، فتتجلى أسمى آيات التراحم والتواد والتعاطف والتزاور، وعادات وثقافات متجذرة في الأصالة والعراقة وعمق التاريخ.
وما أن تأتي بواكير الشهر الكريم، نراه يرحل سريعاً، فنشتاق إلى أيامه ولياليه، حتى وإن كانت هناك بقية من أيامه نعيشها، مع التجهيز لعيد الفطر وفرحته للكبار قبل الصغار، وجمال زكواته وعطائه، طمعاً في مغفرة الغفار ورحمة الرحمن وعتق من النار.
ورغم تلك الأجواء الروحانية، إلا أن الكرم المبالغ فيه يصل بنا إلى مرحلة من الهدر الغذائي في هذا الشهر المبارك، ما يعادل هدر سنة كاملة، فلنكن كما تربينا وعشنا كرماء معطائين، ولكن الهدر يظل آفة تتسلط على حياتنا كلها، فلا نفرق بين الكرم والتبذير أو الهدر، فلكل كلمة فلسفتها معناها، والفرق شاسع.
وتبقى ظاهرة الازدحام في شهر رمضان المبارك التي لا نجد لها حلاً، وأشفق هنا على رجال المرور، ولكن ظاهرة الازدحام المتأصلة في شوارعنا في الأيام العادية، وتزداد وتيرتها في رمضان، خاصة مع حالات العصبية المصطنعة، وتحديدا في الساعات التي تسبق أذان المغرب، حالة من الجنون والتشابك تعيشها شوارعنا في فترتي الذروة الصباحية وقبل المغرب، وأحذر من خطورتها في الصباح مع دوام المدارس، والظهيرة وقت الخروج.. زيادة على ذلك فترات التسوق في تلك الأوقات العصيبة، فنحتاج أن ننظم نحن أوقاتنا، لنحتفظ بصيامنا وقيمه الروحية والإنسانية الإسلامية السمحة..
ولأن الشعب السعودي كريم معطاء بطبعه، فتكثر أساليب ابتزازه، وهنا أشير إلى أساليب التسول التي تنتشر في شهر رمضان بشكل لا يمكن تحمله، ومع ذلك ننساق جميعاً ونتعاطف، حتى بعدما تطورت أساليب التسول إلى التسول الإلكتروني، رغم صدور نظام يعاقب المتسولين، فماذا يفعل النظام إذا كنا نساعد هؤلاء الذين يتخذون من وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة سهلة لاستجداء التعاطف.
لقد وجدت دراسات عديدة ورسائل ماجستير عن هذه الظاهرة، فقد توصلت معظمها إلى نتائج منها، أن ما يساعد على انتشاره، تفاعل المجتمع وتعاطفه من خلال الردود، أو الإعجاب، ومن أكثر ما يطلبه المتسولون سداد الديون المالية، وسداد فاتورة الكهرباء والمياه، وطلب العلاج، وطلب مواد غذائية، والكساء.
الظاهرة الأكثر خطورة، وما رصدته عن قرب، وجود مقيمين أتوا بتأشيرات زيارة للتسول بشكل عام وفي شهر رمضان على وجه الخصوص، ووسائل التواصل مليئة بتلك النماذج، فكيف أتوا؟ وأين الرقابة على من جاؤوا بهم؟ ولقد تعلموا أساليب التسول الإلكتروني، إضافة إلى الأساليب التقليدية أمام المساجد والأحياء السكنية والأسواق، المهم أنك -يا عزيزي- لن تستطيع الفكاك من براثنهم، إن الأمر يحتاج وقفة مجتمعية قبل الإجراءات الأمنية، أعلم أن هناك من يستحق، ولكن الغالبية منهم يتمتعون بالحياء، وهؤلاء أجدى أن نبحث عنهم، حتى يكون الكرم والعطاء في محله لمن يستحق.