جريدة الجرائد

ثقافة البرجر والجينز بالمفهوم السعودي!

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

ديفيد هولمان في كتابه (السياسة الاقتصادية وثقافة أمريكا اللاتينية) يقول: التحول إلى ماكدونالدز في كل المجتمعات من الممكن عدم تفاديه، ولكن من الممكن أن تأكل "بيرجر" ماكدونالدز، وأن ترتدي البنطلون الجينز، دون أن تفقد أيا من أوجه الثقافة الوطنية التي تعتز بها".

هنا تحول في مفهوم الفكر لدى مفكري أمريكا اللاتينية، فحسب كتاب الإعلام العالمي، كانوا في الأرجنتين وتشيلي والبرازيل ودول أمريكا اللاتينية، يهاجمون بصورة متكررة أفلام هوليوود التي تتسم بالعنف، وكانوا يرون أمريكا كثقافة تافهة، كما يرون أمريكا كغذاء ملوث.

إذا نظرنا لارتباط مصطلح (ماكدونالدز) كمفهوم للثقافة الأمريكية، التي غزت بها أمريكا العالم بالاعتماد الكبير على الأفلام والمسلسلات الأمريكية، نجد أن التخوف من هذه الثقافة لدينا خصوصا في السعودية، اصطدم في فترة سيطرة مرحلة الصحوة الإعلامية والثقافية بحرب إعلامية من قبل نجوم تلك المرحلة، وتخويفهم المتكرر من الثقافة الأمريكية وتأثيرها على الشعوب، والغريب أنه تم ربطها بالانفتاح الجنسي ووصل التخويف والتهويل، أن درجة الترهيب من التلفزيون بالمستقبل، ستجعله يتحول وبالغصب عنا إلى قنوات للأفلام الإباحية بمجرد فتح التلفزيون.

كانت المنابر وأشرطة (الكاسيت) والندوات تحذر من هذا الأمر، ولكن ومع خطط الدولة وانفتاحها وخصوصا بمجال الابتعاث، وكثرة سفر السعوديين للخارج، تم كسر هذا التفكير الجامد وغير الحقيقي، فكنا وما زلنا من أكثر الشعوب انفتاحاً على جميع الثقافات، واندمجنا بالكثير منها، حتى في فترة الأربع سنوات الأخيرة مع التغيرات الإيجابية الاجتماعية في بلدنا، تم تقبل الكثير من الأمور التي كانت من المحذورات رغم إيجابياتها، كان المجتمع متقبلا للتغيير بصورة مدهشة وسريعة، ومن الطبيعي أن أي تغيير يكون له بعض السلبيات، ولكن التحول الاجتماعي والثقافي لمجتمعنا مر بسلاسة لأن المجتمع كان مستعدا وجاهزا لهذه التغيرات رغم سرعتها الكبيرة.

أتناول هذا الموضوع بعد معايشتنا بفرح وما زلنا بيوم التأسيس، فالعودة للموروث القديم، والارتباط بالثقافة الأصيلة لهذا المجتمع التي تتجاوز ثلاث مئة عام، لم تتغير، بل شاهدنا خلال السنتين الأخيرتين، احترافية في إظهار الثقافة السعودية وتنوعها الفريد ثقافيا، وافتخار الأجيال من الصغار والشباب بها، فلم تؤثر علينا ثقافات الأمم الأخرى، وبالوقت نفسه لم ننعزل عنهم، فكانت الثقافة السعودية حاضرة ومتطورة ومسايرة للواقع، فكان يوم التأسيس استمرارية لتطور لا يرتبط فقط بالأزياء والملابس، وإنما بالمكنون الثقافي والاجتماعي والسياسي الذي يجعل من الماضي أكبر (مُلهم) للمستقبل القريب، ومن الطبيعي أن استمرارية الاعتزاز بمثل هذه الأيام التاريخية لها فوائد كبيرة في تكوين ثقافة المجتمعات، فالأمم العريقة هي من تفتخر بتاريخها وموروثها، مع ربط ذلك بالتطور الذي نعيش مع العالم كجزء مهم فيه وليس بعزلة، كما حاول البعض أن ينجحوا في عزلنا!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف