بوتين والتحديات الجديدة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
بغض النظر عن التعهدات والوعود التي قطعها فلاديمير بوتين إبان حملته الانتخابية، داخلياً وخارجياً، فإن حسم الحرب في أوكرانيا سيكون، على ما يبدو، هو التحدي الأهم من بين التحديات الأخرى التي يواجهها، بعد فوزه بولاية خامسة، سواء عسكرياً أو من خلال التفاوض، لارتباط تلك الوعود بحل المسألة الأوكرانية وبما يمهد لإعادة الاستقرار والأمن في المنطقة والعالم.
يسعى بوتين العائد إلى الكرملين مجدداً بتفويض شعبي واسع، قد يكون تاريخياً، إلى تكريس روسيا القوية القادرة على مواجهة الغرب، الذي عمل خلال العقود الأخيرة، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، على إبقاء روسيا ضعيفة ومفككة، وقابلة للاختراق والسيطرة كما كانت عليه الحال في عهد بوريس يلتسين. لكن الأمور تغيرت كثيراً، بعد وصول بوتين إلى سدة الحكم بعد تنحي يلتسين عن السلطة في عام 1999، والفوز بولايته الأولى عام 2000، حيث بدأ مشواره الطويل في إعادة بناء روسيا سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وفي كل الاتجاهات.
وبعيداً عن أحداث جورجيا في 2008 واستعادة القرم في 2014، فإن المحطة الأهم التي ينبغي التوقف عندها هي المحطة الأوكرانية التي بدأت مع العملية العسكرية الروسية الخاصة في أواخر فبراير/ شباط 2022. إذ على ضوء نتائج الحرب الأوكرانية، سيتقرر الكثير من مستقبل روسيا وأوكرانيا والعالم الغربي الأوروبي والأمريكي والنظام العالمي برمته. حتى الآن، وبعد أكثر من عامين على العملية الروسية في أوكرانيا، لا تزال موسكو صاحبة اليد العليا، على أرض الميدان، رغم الاصطفاف الغربي وراء كييف، وحشد كل أنواع الدعم السياسي والعسكري والأمني والاقتصادي والمالي، على أمل إلحاق الهزيمة بروسيا.
لكن الشهور الأخيرة، كشفت عن استحالة تحقيق هذا الهدف، خصوصاً بعد فشل الهجوم الأوكراني المضاد، واستعادة روسيا زمام المبادرة وبسط سيطرتها على المزيد من المناطق.
اليوم، بعد إعادة انتخاب بوتين، تحاول روسيا حسم الملف الأوكراني، سلماً أو حرباً، مستفيدة من تراجع القوات الأوكرانية في الميدان، وتعثر الدعم الأمريكي والأوروبي الذي بات ينعكس سلباً على إمدادات السلاح والذخائر والوسائل اللوجستية. وبالتالي سرعان ما ظهرت دعوات أوروبية تدعو إلى مزيد من التورط الغربي عبر إرسال قوات عسكرية للانخراط في الحرب مباشرة بهدف منع هزيمة القوات الأوكرانية، باعتبار ذلك هزيمة لأوروبا، كما يرى الرئيس الفرنسي ماكرون. لكن هذه الدعوات سرعان ما تحولت أيضاً إلى موضع خلاف بين الدول الغربية، إذ رفضت ألمانيا، على سبيل المثال، إرسال قوات عسكرية أو حتى صواريخ بعيدة المدى إلى أوكرانيا، كذلك رفضت واشنطن ومؤسسة حلف &"الناتو&" مثل هذه الدعوات، التي ووجهت أيضاً بالتلويح بالأسلحة النووية من جانب موسكو. غير أن هناك أصواتاً مهمة بدأت تتعالى في الغرب للمطالبة بإنهاء الحرب الأوكرانية، وهي أصوات تتلاقى مع التوجه الروسي الذي ترك الباب مفتوحاً للتفاوض شريطة ضمان مصالح موسكو الجيوسياسية والأمنية.