جريدة الجرائد

ليست التكنولوجيا السبب

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

نعيش قفزات تكنولوجية متوالية، وتغمرنا شبكة قوية من الاتصالات الحديثة، التي يتوالى ويستمر التطوير فيها، لتشمل مختلف أوجه الحياة التي نعيشها. البعض يرى أن هذه التطورات مدمرة للكثير من العادات والطرق والمفاهيم التي تم الاعتياد عليها طوال عقود، وهناك من يشير إلى أن هذه الحداثة سببت خللاً في جوانب مهمة من حياتنا، مثل تربية الأطفال، حيث باتت تلك التكنولوجيا عامل هدم أو تسطيح للفكر والاهتمامات، كما يقال.

ومع تقدير مخاوف البعض وترددهم أو حتى آرائهم، فإن نظرتهم السلبية نحو التطورات غير دقيقة، أو لا تتسم بالعدالة والموضوعية، خاصة إذا عرفنا أن التقنية والتكنولوجيا الحديثة كانت مهمتها الرئيسية التطوير، وتسهيل حياة الناس، وهذا بالفعل ما نراه ونعيشه، لكن عندما يتعثر البعض، ولا يستطيعون التعامل مع التقنيات الحديثة، ولا كيفية إدارتها بشكل فعال وتوظيفها لخدمتهم، فإن المشكلة كما هو واضح لديهم، وليست في التقنية نفسها.

واحداً من المواضيع التي تثار وهي محل نقاش تأثير التقنيات الحديثة في الأجيال القادمة، ويقصدون تأثيرها في الأطفال واليافعين في مجالات السلوك والتعلم والمعرفة، والتعامل مع الآخرين والاندماج الاجتماعي، لأن التكنولوجيا تضم بين جنباتها الكثير من الألعاب، ووسائل الترفيه التي يمضي الأطفال الساعات الطويلة في مشاهدتها، واللعب بها، وتتزايد حالات المكوث بين يدي تلك الأجهزة يوماً وراء يوم، حتى يصبح الطفل أو اليافع متواضعاً في خبراته، لا يجيد التعامل ولا التحدث مع الآخرين، ولا ننسى تأثيرها المدوي في التحصيل الدراسي.

والحقيقة أن المشكلة ليست في التكنولوجيا، ولا في التقنيات الحديثة، ولا في التطبيقات، ولا في الألعاب ومختلف وسائل الترفيه، بقدر أنها تكمن في إدارة الأب والأم، وفي سن القوانين والأنظمة داخل المنزل، وفي تعويد الطفل على أنه يحتاج لتقديم ما يشفع له لمنحه الوقت للعب الإلكتروني بعد أن يؤدي واجباته، ويستذكر دروسه، وبعد أن يمضي بعض الوقت مع أسرته. وعندما يتعود الطفل أو اليافع على ترتيب الأولويات، وتنظيم وقته، فإن التكنولوجيا ستكون عامل دعم ومساعدة، بل إضافة نوعية وكبيرة في حياته، وستكون مساهمة في تطوره ونموه العقلي.

التطور لم يكن في أي يوم سبباً للتراجع، أو الفشل، أو الإخفاق، بل على العكس من ذلك، والمطلوب هو التنظيم، الترتيب، وتوضيح الأولويات، وأيضاً إفهام الطفل واليافع وتربيته، وتعليمه أن هناك واجبات ومهام حياتية تأتي قبل استنزاف الوقت في اللعب.

www.shaimaalmarzooqi.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف