بايدن وترامب.. والمنافسة المحتملة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
خلال أكثر من أسبوع قضيتها في نيويورك، وبرغم انشغالي الشديد بمهمةٍ وطنية كُلفت بها، لاحظتُ انشغال الأمريكيين بدورهم بنتائج &"الثلاثاء الكبير&"، الذي يشير إلى عملية الاقتراع التمهيدية للانتخابات الرئاسية الأمريكية للمترشحين عن الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وتُنظم في 15 ولاية إضافة إلى مقاطعة ساموا في جنوب المحيط الهادي في يوم واحد.
وكان مرد الانشغال، بل والقلق لدى بعض الأوساط الأمريكية، هو أنه بات من المرجح أن تشهد الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة (نوفمبر/تشرين الثاني 2024) مواجهة ثأرية &"ثانية&" بين المرشح الديمقراطي الرئيس الحالي جو بايدن، والمرشح الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب. وإضافة إلى أنّ هذه المواجهة سوف تكون الأولى من نوعها منذ نحو 70 عاماً، فإنّ الطابع &"الانتقامي&" و&"الشعبوي&" لها، يثير قلق الأمريكيين من احتمال حصول أعمال عنفٍ انتخابي خلالها.
ففي &"الثلاثاء الكبير&"، في 5 مارس/ آذار الجاري، فاز بايدن بكل الولايات الخمس عشرة، ولم يخسر سوى في مقاطعة ساموا، في حين فاز ترامب في 14 ولاية منها، ولم يخسر سوى في ولاية فيرمونت.
وتاريخياً؛ يُعد &"الثلاثاء الكبير&" من أكثر أيام الانتخابات الأمريكية لفتاً لأنظار المراقبين محلياً وعالمياً لما يتصل به من عدم اليقين واحتمالات الفوز والخسارة المتوقعة فيه للمرشحين لانتزاع بطاقة الترشح الرسمية للحزبين الديمقراطي والجمهوري، بيد أنه افتقد الإثارة المعتادة هذه المرة، حيث لم يظهر مرشح ثالث قوي قادر على منافسة &"بايدن&" و&"ترامب&" في الانتخابات التمهيدية، ما جعل المهمة أيسر لكليهما، واتجهت التقديرات لترشح كليهما حتى قبل انعقاد الثلاثاء الكبير.
ولم يواجه الرئيس بايدن أية عقبة أمام منافسيه في الثلاثاء الكبير ليضمن بذلك ترشيح الحزب الديمقراطي له. وحتى الآن، يؤمن بايدن أصوات نحو 2600 مندوب، وهو ما يزيد عما يحتاجه للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي ( يقدر بنحو 1968 مندوباً). والواقع أنّ المنافسة غابت تقريباً داخل المعسكر الديمقراطي، حيث لم يمثل أي مرشح ديمقراطي تهديداً ذا قيمة لحظوظ الرئيس بايدن.
أما ترامب، فقد فاز بما يكفي من الأصوات في الثلاثاء الكبير، ليكون بذلك المرشح الجمهوري في الانتخابات الرئاسية المقبلة. فحتى الآن، استطاع ترامب تأمين نحو 1686 مندوباً، وهو ما يزيد عما يحتاجه للفوز بترشيح الحزب الجمهوري (ما يقدر بنحو 1215 مندوباً). بل إنه في ضوء انسحاب كل منافسي ترامب، خاصة منافسته الرئيسية &"نيكي هايلي&" التي لم تحصل سوى على 94 مندوباً، أصبح الطريق ممهداً أمام ترامب للمنافسة في انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
ولكن تسمية كل حزب لمرشحه رسمياً سوف تتم عند التئام المؤتمر العام لكل منهما الصيف المقبل. وسوف يعقد الحزب الجمهوري مؤتمره العام بين 15 و18 يوليو/ تموز المقبل، في مدينة ميلاواكي بولاية ويسكونسن. ثم يعقد الحزب الديمقراطي مؤتمره العام بين 19 و22 أغسطس/ آب في مدينة شيكاغو بولاية إلينوي.
تختتم الانتخابات التمهيدية في 2 إبريل/ نيسان المقبل بالنسبة للجمهوريين وفي 13 منه بالنسبة للديمقراطيين، حيث لم يتبق سوى 7 ولايات تجري فيها الانتخابات، ولكنها غير مؤثرة على أية حال في التأثير في حظوظ أي من المرشحين.
وعلى الرغم من ضعف المنافسة إبان الانتخابات التمهيدية التي جرت حتى الآن؛ إلا أن ذلك يتلاشى بصورة معتبرة في الانتخابات الرسمية في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل؛ حيث من المتوقع أن تكون المنافسة الأشرس في تاريخ الانتخابات الأمريكية في ضوء التجربة السابقة للمنافسة بين بايدن وترامب في انتخابات 2020، وفي ضوء حالة الاستقطاب السياسي والأيديولوجي غير المسبوقة التي تشهدها السياسة الأمريكية. وقد بدأت تتشكل ملفات التنافس ونقاط الضعف والقوة الرئيسية بين المرشحين. وتعد أهم الملفات التي تمثل نقطة ضعف وهجوم متبادل هي ملفات سن الرئيس، والهجرة، وحالة الاقتصاد، والعلاقات مع روسيا، والموقف من حرب أوكرانيا.
ولا شك في أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة سوف تشهد مستوى غير مسبوق من المنافسة الانتخابية بين بايدن وترامب، الذّي لن تؤثر القضايا المتهم فيها في تأمينه بطاقة الترشح عن الحزب الجمهوري. ومع ذلك، يصعب الجزم بفرص أي من المرشحَين في الفوز بالرئاسة الأمريكية هذه المرة، ولكن هذه الانتخابات لن تكون سهلة بأي حال وقد تحمل مفاجآت عدة.
* متخصص في العلاقات الدولية والقضايا الجيوسياسية