تماثل الأضداد في السودان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
ما هذه السوريالية واللامعقول في أخبار السودان؟ تقرأ فتقطع بأن المصدر أحد اثنين، مسيلمة أو جوبلز. لكن، لا بأس إذا انصرف ذهنك إلى كتاب &"المحاسن والأضداد&" للجاحظ، ففي ذلك البلد الإفريقي الشقيق، لا ترى اليوم غير الأضداد، حتى أضحى الضد إيديولوجيا غريبة الأطوار، يتعاضد في تطبيقها الخصوم والأضداد. تكمن الأعجوبة في أن هذا المشهد غير ممكن في المتعارف عليه من المذاهب والتيارات والممارسات السياسية. مثلاً: هل يُعقل أن تسلك الرأسمالية والماركسية نهجاً واحداً في الفكر والسياسة والاقتصاد؟ أمّا في السودان، فليس بضدها تتبيّن الأشياء. الغريبة هي نظرية الأضداد والمضادات: فكر مضاد، سياسة مضادة، تنمية مضادة، اقتصاد مضاد، بنى تحتية مضادة بمعنى: في الدرك الأسفل الذي لا تحت تحته.
حتى لا يظل القرّاء يتساءلون عن النبأ العظيم، جاء في الأخبار أن خسائر السودان في عام من الاقتتال بلغت أوج المئتي مليار دولار. دع أرقام عائدات البلدان النفطية: أيّ اقتصاد عربي طار طيراناً حرّاً، أو سقط سقوطاً حرّاً، بهذه السرعة الجمبازية الجمنازية النجومية؟ ترفٌ أم سرَفٌ؟ ماذا كان الفرقاء يفعلون لو لم يكن في المجتمع الدولي أمّ رؤوم، الإمبراطورية، التي رمت لهم بمئة مليون دولار معونة؟ قال محلل ماكر إنها رأت الجمر يعلوه الرماد، فخشيت أن تخمد النيران، فتداركت الموقف بما يُسعّر الجحيم، وهي دائماً حمّالة الحطب.
لا شك في أن أصحاب السعير المقتتلين منتشون حتى ثمالة دماء الأبرياء، بأن حشود الساذجين والمغيّبين على ظهر الكوكب، سيذهلون قائلين: كم لدى القوم من بحار الثروات حتى يُلقوا بمئتي مليار دولار وقوداً لمرجل هذه الطبخة المشؤومة؟ يبدو المنطق أحمق، حين يتصوّر كل طرف من الفرقاء أنه على حق. إلى هذا الحد يكون اللعب بحق الشعب في الحياة بحدها الأدنى، الذي لا تحت تحته؟
لسوء طالع الشعب الشقيق أن ظروف العرب ينطبق عليها &"المشغول لا يُشغل&"، فعلى من يرفع عقيرته أن يوقن أوّلاً أن قسم الطوارئ موجود. التضامن العربي نفسه في غرفة ال&"إن عاش&". أيسر تحليل هو طوالع النجوم، حظ السودان أن القمر في برج العقرب دلالة على النحس. (تنزيل أبي معشر الفلكي مجّاناً من غوغل).
لزوم ما يلزم: النتيجة الغنائية: يا نائماً رقدتْ شؤونُهْ.. مضناك لا تهدا شجونُهْ... ذاق الرّدى بصنوفهِ.. إن لم تُعِنهُ فمن يعينهْ؟