الرياض.. كعاصمة اقتصاد عالمي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
الاجتماع الخاص الأول من نوعه للمنتدى الاقتصادي العالمي في الرياض يأتي في ضوء ما تشهده المرحلة الحالية من قفزات سعودية يقودها ولي العهد، من خلال ترسيخ السلام وبناء خطط التطوير الاقتصادية الضامنة للاستدامة، وفي ظل ما يتعرّض له العالم من تغيرات وتحولات كبيرة لم تظهر منذ قرن..
تتجه أنظار العالم يومي 28 و29 أبريل 2024 إلى الرياض حيث تستضيف المملكة الاجتماع الخاص الأول من نوعه للمنتدى الاقتصادي العالمي في العاصمة الرياض، الذي سيناقش العديد من القضايا المهمة مثل التعاون الدولي والنمو والطاقة وتشكّل هذه الفعالية التي تأتي على هامش المؤتمر السنوي الـ 54 للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا، إحدى ثمار اتفاقية التعاون بين المملكة العربية السعودية والمنتدى الاقتصادي العالمي.
منذ توحيد البلاد على يد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -رحمه الله- والخيرات تنهال على هذه الأرض المباركة؛ ففي عام 1939م توج الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- عصراً جديداً للمملكة مع تصدير أول شحنة للنفط، وبعد عقود مهدت أكبر تحديات عصرنا التي تواجه البشرية وكوكبنا كان يجب أن نغير مسارنا من خلال دمج السياسات والأهداف وتنوعها من خلال الاستراتيجية الطموحة رؤية 2030 التي حظيت بدعم ورعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- وهي رؤية ولي العهد -حفظه الله- لمستقبل هذا الوطن.
مواردنا الطبيعية نعمها عظيمة في هذه البلاد ومن أجل النعم وأعظم المنن، وهي عمود اقتصادنا وهيكله وذروة سنامه، وبحسب الأمم المتحدة هناك 1.2 مليار شاب تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة، يمثلون 16 في المئة من سكان العالم، لا الزراعة ولا الصناعة قادرة على استيعاب تلك القوى العاملة في المستقبل، ولهذا رسمت رؤية 2030 ملامح حقبة ما بعد البترول، ودشنت أساسيات الاقتصاد السعودي بعد نضوب النفط، وسعت لتطوير قدرات المواطنين، وتحضيرهم للمستقبل.
إن قوة السلسلة تقاس بقوة أضعف حلقاتها، لذلك تفرض القوة منطقها كمفهوم عام على منحنيات الصعود والهبوط في العالم، وهو ما أشار إليه مؤلف كتاب "نظريات القوة" فابريس أرجونيس الأستاذ بجامعة (رون) الفرنسية والمتخصص في الجغرافيا السياسية والعلاقات الدولية، مشيراً أن القوة تعني قدرة أحد العناصر الفاعلة في الساحة السياسية على احتواء العناصر الأخرى وتوجيه أفعالها وتصرفاتها وسلوكياتها في الاتجاه الذي يصب في مصلحته دون أن يستشعر الطرف الآخر (الأقل قوة) أنه يقدم تنازلات ذات قيمة. إلا أن هذا المفهوم قد شهد الكثير من التطورات وفقاً للتغيرات التي صاحبت العلاقات الدولية وما ترتب عليها من تعقيدات في ضوء التطور الرقمي والتكنولوجي الذي نجح في فرض نفسه فرضاً على حياتنا اليومية ومن ثم، بشكل أوسع، على العلاقات الدولية. ففي مطلع تسعينات القرن الماضي، كان التمييز واضحاً بين القوة الناعمة والقوة الصلبة، من حيث إن القوة أو القدرة العسكرية كانت تمثل المعيار الأول للقوة المستخدمة في تحليل العلاقات الدولية، هذا إلى جانب معايير أخرى مثل الأرض والموارد الطبيعية والسكان، وهي عناصر تمثل أهمية وأولوية كبرى الآن على حساب القدرة العسكرية التي توضع اليوم في موضع اتهام ومساءلة، فعلى سبيل المثال، قد شهد الاتحاد السوفييتي انهياراً وتفكيكاً، في ثمانينات القرن الماضي، على الرغم من أنه كان يمثل قدرة عسكرية وسياسية واقتصادية واجتماعية، أي أنه يمكن أن نخلص إلى أنه إذا كانت القدرة العسكرية تمثل أهمية في رسم خارطة العلاقات الدولية، إلا أنها أصبحت اليوم لا تمثل الأولوية الأولى، فهناك معايير وقوى أخرى تأتي قبلها، وهي القوة الاقتصادية والتكنولوجية والتنموية، أي أننا أمام تراجع واضح للمعايير التقليدية لمفهوم وتحوّل القوة.
اجتماع الرياض الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي الذي سيضم أكثر من 700 مشارك من الخبراء الدوليين وقادة الرأي والمفكرين، من المنظمات الدولية والقطاعات الحكومية والمؤسسات الأكاديمية وقطاع الأعمال، لبحث التحديات العالمية الراهنة في مجالات التنمية، ضمن حوارات مثمرة تعزز التعاون العالمي وتحفز الجهود الدولية المشتركة لابتكار الحلول المستدامة من منطلق أن المملكة قد أصبحت والرياض خاصة عاصمة عالمية للتقدم وقيادة الفكر والرأي العام حول الموضوعات المتعلقة بالاقتصاد العالمي ولذلك سيركز هذا الاجتماع الخاص على التعاون الدولي والنمو والطاقة، وسيكون هذا الحدث منصة جديدة تمكن المنتدى الاقتصادي العالمي وشركاء المملكة العالميين من النقاش في حوارات بناءة لإيجاد الحلول للتحديات التي تواجه عالمنا اليوم في وقت تتزايد فيه الانقسامات بين الاقتصادات المتقدمة والناشئة، مما يحتم إيجاد مجالات للمصالح المشتركة وتعزيز شراكات جديدة ومؤثرة.
اجتماع الرياض الخاص يأتي في ضوء ما تشهده المرحلة الحالية من قفزات سعودية يقودها ولي العهد، من خلال ترسيخ السلام وبناء خطط التطوير الاقتصادية الضامنة للاستدامة، وفي ظل ما يتعرّض له العالم من تغيرات وتحولات كبيرة لم تظهر منذ قرن. حيث يواجه العالم قضايا انعدام الأمن وسط ظروف سياسية واقتصادية أكثر صعوبة، فاحتياجاته المستمرة تغذي مخاوفه، فضلاً عن أزمات الحروب البينية وصراع القوى بالوكالة، يعاني العالم بالتالي وعلى ظلال تلك الحروب والصراعات من عدة أزمات على إثرها كأزمة الطاقة، وتغير المناخ والتضخم وتحول الطاقة، والتي تؤدي إلى مخاطر وتحديات لكنها في المقابل تشكل فرصاً عظيمة في الوقت ذاته وهي ما أدركها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بحنكته ورؤيته الاستشرافية والدهاء السياسي الذي تتسم به القيادة الدبلوماسية السعودية.
في المقابل ساهمت سلسلة من الأحداث المضطربة، مثل أزمة كورونا العالمية والإغلاقات المشددة للقضاء على كوفيد 19 والحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين والحرب الروسية وأوكرانيا وأزمة الصين وتايوان والكوارث البيئية في أوروبا، في تسليط الضوء على إدارة مخاطر سلاسل التوريد العالمية وشكوك حول جدوى الاستعانة بمصادر خارجية بمناطق متعددة أدت إلى اختلالات العرض والطلب وزيادة معدلات التضخم وارتفاع أسعار السلع، فأصبحت الحاجة ملحة لتطوير إستراتيجيات وحلول مرنة قادرة على تحقيق التوازن بين العرض والطلب والتكيف مع الأزمات، للإسهام في تعزيز استقرار ونمو الاقتصاد العالمي، ومن أجل تطوير إستراتيجية موحدة لاستقطاب سلاسل الإمداد العالمية ولذلك أطلق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان المبادرة الوطنية لسلاسل الإمداد العالمية، في خطوة لتعزيز موقع السعودية كحلقة وصل في سلاسل الإمداد العالمية.. خاصة وأن الكثير من الإنتاج الصناعي انتهى به المطاف في شرق آسيا مثل الصين وكوريا الجنوبية واليابان وإندونيسيا وماليزيا وفيتنام وتايلند والفلبين وسنغافورة ليس من قبيل الصدفة أو بسبب الأجور المخفضة، بل كانت هناك عوامل أكثر أهمية ساهمت في تعزيز مناخ الاستثمار الذي جلب سلاسل القيمة العالية Global value chains (GVCs)، مثل مؤشري حقوق الملكية الفكرية وحماية الملكية الفكرية، ومؤشر أداء الخدمات اللوجستية، ومؤشر اختبار الذي يختص بالقراءة والعلوم والرياضيات، واتفاقيات التعاون والشراكة التجارية، التي عززت انتقالها إلى اقتصاد متكامل، وهي نفس المؤشرات والعوامل والحوافز التي أولتها جولة ولي العهد الآسيوية، وأكدها إعلان سموه عن هذا الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا والذي يؤكد على دور المملكة القيادي عالمياً ويُعزّز مكانتها الاقتصادية لتصبح ضمن أكبر 15 اقتصاداً عالمياً بحلول 2030 من خلال الخلفية الاستراتيجية والأهمية الجيوسياسية في لعبة الشطرنج الكبرى!