عنوان الكتاب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يطلق بعض المهتمين بالنقد على عنوان أي كتاب وصف &"العتبة&". قبل أن نلج عالم الكتاب علينا أن نخطو على درجته الأولى. بصرف النظر عن مدى دقة هذا الوصف، فإن عنوان الكتاب هو، بالفعل، أول ما يلفتنا إليه. يحدث طبعاً في حالات كثيرة أخرى أن يكون اسم المؤلف هو الجاذب إلى اقتناء الكتاب أو قراءته، بصرف النظر عما إذا كان عنوان كتابه لافتاً أم لا، لأننا نعرف من واقع قراءات سابقة لهذا الكاتب جودة كتابته، أو أنها قريبة من أهوائنا وأمزجتنا، وفي حالات أخرى فإن شهرة اسم كاتب ما، حتى لو لم نقرأ له من قبل أي كتاب، قد تكون كافية لحملنا على الشروع في قراءة كتاب له يقع بين أيدينا.
تتفاوت قدرات الكتّاب في اختيار العناوين المناسبة لكتبهم، أو حتى أمزجتهم. البعض منهم لا يعنيه أن يكون العنوان بالضرورة جاذباً من أول نظرة لاهتمام القرّاء، بمقدار ما يعنيه أن يكون معبّراً عن محتوى كتابه، وبعضهم يجنح إلى اختيار عنوان غامض، ولنقل محيّر، قد لا يشي مباشرة بمحتوى الكتاب، ربما رغبة في إثارة فضول القارئ ليستنبط مغزاه ودلالته بنفسه.
ما أكثر ما يتدخّل الناشرون، بحكم خبرتهم في الطرق الأنجع لتسويق الكتب، في اختيار العنوان المناسب لأي كتاب، كأن يكون كاتبه قد اختار له عنواناً ما، وحين يدفعه إلى الناشر لا يروق لهذا الأخير، ويطلب منه تغييره بعنوان &"أكثر جاذبية&"، بل قد يقترح بعض الناشرين عنواناً بديلاً يجده أنسب، وقد ينشأ سجال بين الطرفين، حين يصرّ الكاتب على العنوان الذي اختاره رافضاً تغييره، وقد يحدث العكس، يوافق المؤلف على اقتراح الناشر، حين يقتنع بوجهة نظره.
ككاتبٍ صدرت لي عدّة كتب، أفكّر أن أكتب، في المستقبل، عن تجربتي مع اختيار عناوين كتبي التي صدرت حتى الآن. شخصيّاً لم يحصل أن اقترح عليّ أيّ ناشر عناوين أخرى غير التي اخترتها وصدرت تحتها كتبي، لكني مررت بما يمرّ به الكثير من الكتّاب من حيرة في اختيار العنوان المناسب، وأذكر أني غيّرت في مراحل العمل على أي كتاب عنوانه أكثر من مرّة، فقد أبدأ وأنا أشرع في وضع كتاب ما بوضع عنوان أولي أتى على بالي من وحي فكرة الكتاب، ولكن أثناء العمل عليه وتطوّر هذا العمل، يخطر على بالي عنوان آخر أجده أكثر تعبيراً عن ما أضفته عليه أثناء العمل، وقد يحدث أن أستقرّ، في نهاية المطاف، وبعد بلوغي المرحلة الأخيرة من وضعه، على عنوان آخر للكتاب مختلف كليّة عن كل العناوين التي فكرتُ فيها في مراحل عملي عليه.