مواجهة التحدّيات اللغويّة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
هل وُفّق القلم أمس في شرح المأزق الذي وقعت فيه العربية، جرّاء غياب لغويين لا يتهيّبون مواجهة التحديات؟
بكل بساطة: المطلوب من اللغوي المطلوب لمرحلة الفعل والإنجاز، هو أن ينقش على دماغه بيت أبي الطيب: &"أعيذها نظراتٍ منك صادقةً.. أن تحسب اللحم فيمن لحمه ورمُ&"، الشحم مرفوض.
جردة الحساب واضحة: حذف كل ما له علاقة بالبلاغة. هذا في حد ذاته سيجعل قواعد العربية رشيقةً كغصن البان. مثلاً: كل ما هو من قبيل المضمر والمقدّر والمستتر، فنحن أمام قواعد بناء لغوي. عندما نريد أن نتسلّى بلعبة &"شرطي وحرامية&"، نرسل أفراداً للبحث عن المستتر، أين توارى واستتر. ما الذي جعل النحاة القدامى يحوّلون قواعد بسيطة لبناء الجملة، إلى متاهات تختفي فيها الأدوات من نواصب وخوافض وروافع، فيدوخ الدارس المسكين في محاولة القبض على الجنّيّ المختبئ الذي جعل الفعل منصوباً أو مجزوماً؟
منطقيّاً، حتى التقديم والتأخير لا علاقة له بالنحو. هذه فنون بلاغية. تماماً مثل ما يجوز للشاعر دون الناثر. حتى &"باب الاختصاص&"، لا علاقة له بقواعد اللغة. لهذا يكرّر القلم إثارة كارثة تداخل النحو والبلاغة. الاختصاص كقولهم: نحن معشرَ الشعراء، معشر، مفعول به منصوب بفعل تقديره أخص. نحن المهندسين...
قد يرى البعض شططاً في اعتقاد أن من الأخطاء المنهجيّة التي ارتكبها النحاة أنهم بالغوا في الاعتماد على الشعر الجاهلي في استنباط القواعد وتوصيفها وشرحها. الشعر فنّ إبداعي، ويجب أخذ الحيطة والحذر في استنباط قواعد اللغة وأحكام بنيتها من إبداع طارئ عليها. هذه مواضيع بحثيّة لا نهاية لأنفاقها ومتاهاتها، لكثرة تداخلاتها مع المدارس والتيارات الفنيّة. تدريس الأساليب الأدبيّة في الشعر والنثر، شيء، والنظر إليها كأحكام ملزمة، أو حتى بمثابة التبصرات ضمن موادّ القوانين، شيء آخر. إذا &"تسلطن&" جناب الأعشى، فقدّم أو أخّر أو قدّر أو أضمر، أو حذف الفاعل، فالنحو العربي ليس ساحة مفتوحة لابتكار القواعد.
يا أستاذ، أنت تدرّس النحو المستمدّ من نصوص أكثر من 90% من فنونها البلاغية لم يعد لها استعمال في العربية اليوم. تحتاج إلى سنوات ليستوعب الطالب باب الاشتغال، مثل: &"زيداً ضربتُ غلامَه&". أين يمكن أن يقول: &"حاسوباً نسيتُ كلمة مروره؟ بمجرد النطق سيقول له السامع: &"عفواً، الأخ مش عربي؟&".
لزوم ما يلزم: النتيجة التسويفيّة: يستطيع الراغبون في تنويم التطوير الدعوة إلى برلمان لغوي عربي، فموعدنا لن التأبيد الزمخشريّة!