الانتماء والتعايش.. والوطن الذي يجمعنا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يمتد مفهوم التعايش السلمي إلى نطاق واسع من الأفكار والقيم المشتركة التي يؤمن بها كل مجتمع، ومدى قدرته على الانفتاح على الآخر، وإدارة التنوع على أساس من تسوية الخلافات والنزاعات ونبذ العنف والتطرّف، والانخراط في تشكيل معرفي وقيمي للتعبير عن الوسطية والاعتدال، ومظاهر التواصل الحضاري، وصولاً إلى الأثر الذي يتحقق من الأمن والاستقرار والتنمية، وقبل ذلك الانتماء للوطن، والاعتزاز بتاريخه وثقافته وحضارته ورموزه.
نظمت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، مطلع هذا الأسبوع، برعاية خادم الحرمين الشريفين؛ واحداً من أهم المؤتمرات الدولية الناجحة عن &"دور الجامعات في تعزيز قيم الانتماء الوطني والتعايش السلمي&"، وخرج المؤتمر بـ19 توصية مهمة في رسم خارطة الطريق للمستقبل، وارتكزت على جانبين القيم والسلوك المجتمعي، وتقديم مبادرات وطنية جديرة بالاهتمام والشراكة بين مؤسسات المجتمع، وربطها برؤية 2030 في بناء الشخصية السعودية المتزنة.
الجامعة وهي تبادر إلى طرح موضوع الانتماء والتعايش السلمي؛ تدرك أهميته في هذه المرحلة لجميع فئات المجتمع، وتأطيره على أساس ديني ووطني، وتغذيته بمفاهيم أساسية ننطلق منها في التعبير عن مواقفنا وتوجهاتنا، ونلتزم بها في سلوكنا، ومن أبرزها أن الانتماء والتعايش الذي تنعم به بلادنا يرتكز على الوحدة والتلاحم بين القيادة والشعب، وأن الأمن والاستقرار والتنمية هي نتيجة لهذا الانتماء والوحدة، كما أن الوسطية ليست اختياراً، ولكنها مصلحة شرعية ووطنية، ومثل هذه المرتكزات الفكرية والسلوكية مهمة لأبناء الوطن الواحد؛ للنهوض نحو المستقبل، وتأسيس المواطنة الحقيقية التي تستشعر المسؤولية، وتحافظ على المكتسبات، وتعمل على رفعة الوطن وتطوره.
اليوم المجتمعات التي فقدت الانتماء الوطني والتعايش السلمي؛ فقدت حتماً أمنها واستقرارها وتنميتها، وقبل ذلك وحدة إنسانها وأرضها، وعاشت في فلك آخر من التدخلات الخارجية، والانتماءات الحزبية والمذهبية الضيقة، وأصبحت في حالة من التفكك والتخلّف والتشتت والانفلات الأمني، والشواهد كثيرة، ولهذا جاء مؤتمر جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ليبرز ريادة المملكة ودورها المؤثر في نشر ثقافة الانتماء للوطن، والتعايش السلمي وقبول الاختلافات الثقافية بين أفراد المجتمع، إلى جانب دور المؤسسات التعليمية في تحصين الطلاب والطالبات من المؤثرات الفكرية الضالة، والتأكيد على تفعيل الوعي الأمني في السياسات والأهداف التعليمية.
أقترح على المسؤولين في الجامعة أن يكون هذا المؤتمر نسخة أولى لنسخ أخرى في المستقبل، ونبني على هذا النجاح الكبير الذي تحقق في &"دور الجامعات في تعزيز قيم الانتماء الوطني والتعايش السلمي&"، ليمتد الدور لوسائل الإعلام، والأسرة، والمؤسسات الدينية، والمناهج التعليمية، والوعي الأمني، والوعي الفكري، وكل موضوع من هذه الموضوعات يستحق أن يكون مؤتمراً نعزز من خلاله الانتماء الوطني والتعايش السلمي.