في غير زمانها
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
غريب أمر بعض الجرائم التي ما زالت تظهر بين الحين والآخر، وخاصة تلك المتعلقة بقضايا النصب والاحتيال؛ فقبل عقدين أو ثلاثة، كنا نتعاطف مع المجني عليه، لذكاء المحتال، واستدراجه ضحيته بطريقة محكمة حتى يوقع به، ولكن أن تسمع قضايا الاحتيال نفسها في هذا الزمن فيبدو الأمر مستهجناً.
في السابق، وحين كان &"النصّاب&" ينسج شباكه لإطاحة فريسته وسرقة أمواله، كانت الحياة بلا وسائل تواصل ولا وفرة معلومات، ولا ثورة اتصال متطورة جعلت كل شيء في متناول الصغير والكبير في لحظات، فكان الضحية يخسر ما لديه من أموال، ولكنه يكسب تعاطف المجتمع وسلطات التحقيق حين يعلمون ما ألمّ به.
أما اليوم، وحين تسمع عن &"دجّال&"، ما زال ينجح في سرقة أموال شخص أو الضحك عليه بطريقة غريبة، فقد لا تتعاطف مع المجني عليه، وتستهجن كيف وقع في هذا الشرك بهذه السهولة.
أمر غريب أن تقع سيدة في شرك محتال يوهمها بالزواج عبر مواقع التواصل، فتغدق عليه بالملايين، لأنه يمرّ بضائقة مالية، على أمل بأن تحلّ أزمته فيتزوجها، فتعطيه المليون الأول، فالثاني فالثالث.. وحين تقترب من كشفه، يخرج لها بطريقة أخرى، أنه القاضي الذي يحاكم حبيبها المزعوم فيخاطبها القاضي عبر &"واتس أب&"! ويطلب منها تحويل أموال أخرى لإنقاذ &"الحبيب&"، وتستجيب.
قاضٍ، يخاطب سيدة عبر &"واتس أب&" لإنقاذ حبيبها!! أين يحدث ذلك؟ كيف لعاقل أن يصدّق ذلك.
سيدة أخرى، تشغل منصباً في أحد البنوك أُعجبت بأحد العملاء، وأوهمته بأنها من أسرة ثرية، لتشجيعه على الزواج منها، &"فلم يكذّب الخبر&"، وبدأ باستغلالها بطريقة عجيبة، وبدأ يطلب منها الأموال، وهي تحوّل له من أموال المودعين، وحوّلت له على أوقات نحو 20 مليون درهم، علماً بأنه كان يكذب عليها في كل مرة يطلب المال، مرة لمساعدة شقيقه المتعثر في سداد قرض، ومرة أخرى لشراء سيارة لوالدته التي دمرت في حادث سير، ثم لشراء سيارة لأخته وثالثة لوالده، فضلاً عن ساعات وهدايا باهظة الثمن، ورحلات سفر وتسوّق، وكلها من أموال عملاء البنك.
قضايا غريبة عجيبة، ولو فكر المجني عليه للحظة واحدة، لما وقع في شركها.. فالحياة أصبحت أوضح بكثير من أن يقع أحد ضحية محتال، ليس لديه أي عبقرية فيما نسجه، غير أنه يعتمد على سذاجة الآخرين.
&"يجب ألّا يكون المجني عليه من الغفلة والسذاجة حتى يصدّق كل ما يقال له&"، هذه قاعدة قانونية، وقاعدة حياة، فلا يجوز أن نبقى نتحدّث عن ضحايا تُسلب أموالهم، أو الأموال التي يُؤتمنون عليها، ونشغل الشرطة والنيابة والمحاكم والمجتمع بأسره في مشكلاتهم.