جريدة الجرائد

غزة والطريق إلى الدولة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

لطالما تجنبت الحديث عن مأساة بحجم غزة احترامًا لآلاف الضحايا الذين اختطفت أرواحهم بلا رحمة لمجرد أنهم يسكنون هذا المكان، الذي هو في حقيقته مجرد سجن كبير؛ نريد أن نصدق أنه نواة لدولة أو ضفة لحدود ما، ولكننا نعلم أنها ليست إلا جدران بناها سجان محتل، يخلق بإصرار مع كل جريمة جيلاً جديدًا من أصحاب الثأر الذين سيتكاثرون مع الأيام/الجرائم.

عشرات الآلاف قُتلوا خلال أشهر، وأضعافهم خلال سنوات، ضحايا للاحتلال وصراع الضفتين والأقطاب والنفوذ، في منطقة قدَّر الله لها أن تكون ملتقى الأضداد منذ آلاف السنين، وستستمر كذلك حتى يأذن الله بوعده.

يراد للمحتل الذي اسمه (إسرائيل) أن يكون دولة طبيعية، رغم كل شواهد التاريخ، حيث تتجلى المهزلة في فرض محتل على أرض لا ينكر أحد -حتى المحتل نفسه- أنها محتلة، على أمل أن تسقط بالتقادم أو بالتقاسم إذا غلبت الروم.

تكابر القوى الغربية وتتجاهل الصيرورة الطبيعية التي تقول إن النهاية ستكون بانتصار صاحب الأرض مهما طال الزمان واستطال الظلم. لكن (الغرب) بسبب "غرور تفوقه"، لا يريد أن يصدق أن التاريخ سيعيد نفسه. ففي الجزائر، مثلًا، استمر الاحتلال الفرنسي أكثر من 130 عامًا، ومع ذلك هرب المحتل وانتصر أصحاب الأرض. ولا داعي هنا للتذكير بأن عمر الاحتلال الصهيوني لا يتجاوز بضعًا وسبعين عامًا، وهو لا شيء في عمر الأمم والحضارات.

أكثر من سبعين عامًا مضت منذ النكبة عام 1948، كان يمكن أن تكون أقل لو قُدِّر للفلسطينيين مقاومة وطنية موحدة، تعرف إلى أين تسير وكيف يُدار هذا العالم بعيدًا عن المغامرات والنزوات العبثية. خصوصًا وأنهم أغلبية، وليسوا أقلية من الهنود الحمر أو السكان الأصليين الذين يمكن إبادتهم وتهجيرهم.

اليوم -وللأسف- لم يعد الحل قريبًا، حيث تتقاذف القضية قوى احتلال همجي وجماعات عابرة للحدود وخارج الإجماع الوطني، لا تعترف بالدولة ولا بالشرعية الدولية. وكل من يؤمن بالقضية يعرف في قرارة نفسه أنها قضية بلا حل يلوح في الأفق، إلا بتجاوز تجارها ومحتليها إلى منصات دولية تضمن للقضية على الأقل أن تبقى مشتعلة حتى يأتي من يوحد الفلسطينيين ويعيد لهم قضيتهم ووحدتهم؛ كما حدث بالأمس باعتراف 143 دولة بعضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة.

ورغم أننا نعلم أن هذه العصبة الأممية مجردة من معناها ولا تستطيع أن تفعل شيئًا يعيد الحق لأصحابه، لكنها خطوة مهمة لإبقاء القضية حية وترسيخ المطالب، وهي خطوة كبيرة في الطريق الصحيح، ولكن من الحكمة ألا نؤمل كثيرًا على هذه المرحلة ولا نعطيها أكثر من حجمها.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف