جريدة الجرائد

المدير الآلي

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

لكل مؤسسة مدير أو مجموعة من المديرين الذين يشرفون على سير أعمالها، ويعملون على توجيه طاقات العاملين فيها بما يخدم مصالحها ويحقق أهدافها ورؤيتها المستقبلية.

الواحد منهم أشبه بعين ساهرة لا غاية لها سوى ضمان توافر بيئة عمل تتسم بأقصى قدر من السلاسة والإنتاجية، هذا في حال كنا نتحدث عمَّا يفترض أن يكون عليه المدير الحقُّ الذي يستحق منصبه.

أما الواقع فيزخر بمختلف صنوف المديرين، فمنهم صاحب عقل راجح وخبرة واسعة وقدرة كبيرة على استثمار جهود موظفيه وتسيير العمل بطريقة ذكية تضمن مصالح الجميع، وآخر لا يفعل شيئاً سوى الدوران في مكانه وهو جالس على كرسيه المتحرك، مصدراً الأوامر الصارمة كيفما يحلو له، دون مراعاة لمصالح المؤسسة أو الموظفين، كأنه روبوت يتحرك تبعاً لأوامر تمَّت برمجته عليها مسبقاً.

إن أسوأ موقف يمكن أن تتعرض له أي مؤسسة هو أن يشغل منصب الإدارة فيها شخص متحجر العقل، لا يستمع لرأي أحد، ولا يكترث بمشاعر إنسان، ولا يفسح المجال لأي فرصة محتملة لطرح فكرة جديدة أو إبداع شيء جديد. لسان حاله يقول: &"هكذا يجب أن يسير العمل&"، فعقليته المتحجرة تجعله يظن أن العمل يجب أن يسير بطريقة معينة يقرّرها هو وحده.

أما الطامة الكبرى فهي اعتقاد تلك النوعية من المديرين بأنهم على صواب كل الوقت، فلا أحد يرقى إلى مستوى ذكائهم حسبما يظنون، وليس في الأرض إنسان يضاهي خبرتهم الواسعة وقدرتهم على إدارة شؤون الموظفين تحت إشرافهم.

ونظرتهم الساذجة تلك تجعلهم كمن يمشي وهو مغمض عينيه ظاناً أنه لن يتعثَّر أبداً، وفوق ذلك كله يقود خلفه جمعاً من الناس بعد أن يوهمهم بأنه يقودهم إلى برّ الأمان بفضل ذكائه النادر وقدرته الخارقة على تلمُّس الطريق إلى الغاية المنشودة.

على النقيض من ذلك المدير الروبوت أو الآلي، نجد المدير الذي يشجع موظفيه ويدعوهم إلى المساهمة بأفكارهم في تطوير العمل، ويستمع إلى مشكلاتهم بتفاعل ومحبة إنسانية، فهو لا يرى أنه أعلى منهم مقاماً بل يعدُّهم إخوة وأخوات له، فيحرص على أن يعملوا في جو مريح محفِّز يُخرج أقصى ما بداخلهم من طاقات دفينة.

وبالتالي فإن المدير الناجح هو القائد الذي يحقق التوازن بين تحقيق مصالح المؤسسة وأهدافها، وإسعاد الموظفين وتعميق إحساسهم بالانتماء إلى المكان الذي يعملون فيه، وضمان حقوقهم وحصولهم على كل الدعم الذي يحتاجون اليه ليبدعوا ويرتقوا بمهاراتهم وخبراتهم الشخصية والعملية.

والأهم من ذلك كله هو القائد الذي يحظى بمحبة من حوله وثقتهم. يقول جويل باركر: &"القائد هو الشخص الذي يمكنك أن تتبعه الى مكان لم تكن لتجرؤ على أن تذهب إليه وحدك&".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف